أنا فتاة من عائلة معروفه جدّاً ، طوال عمري ملتزمة وخلوقة بشهادة الجميع ، ولكن لا أعرف ما السبب الذي دفعني للتعرف على شاب وكنت أريد مساعدته لأنه متعرض لصدمة من وفاة والده وهو المسؤول عن إخوته وأمه وذهب في طريق رفقاء السوء ، نصحته وأحسست أنه من واجبي الوقوف بجانبه ونصحه ، مع الأيام عاد لدراسته وترك رفقاء السوء وتغير كليّاً ، سألتْه أمه عن السبب فحدَّثها عني ، فكلمتني وشكرتني على صبري مع ولدها ، أتى ذات يوم زيارة ليراني ، لا أعرف لماذا لم أتردد ، وذهبت لأراه ، وأحسست كأنه أخي ، وأخذنا الوقت وحدث ما حدث ، للأسف ، يريد الآن التقدم لخطبتي ، ولكن مستحيل ، فهو يصغرني بـ 3 سنوات ، وهو من غير جنسيتي ، وأنا الآن حامل أريد الستر والتوبة .
أعلم أني أخطأت ، وسوف تلومونني بشدة ، ولكن أريد التوبة ، وأريد الحل .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لعلك رسالتك تكون عظة وعبرة للذين يزعمون " براءة " العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، ولمن يزعم " شرعية " هذه العلاقات إذا كانت في النصح والتوجيه ، ولمن يريد " تمييع " الدين فيفتح المجال للعلاقات بين الرجال والنساء بحجة تقدم العصر ، وعدم وجود ما يمنع ، وبقدرة المرأة على الحفاظ على نفسها . . . إلى آخر هذه المبررات الساقطة !!
وعظة وعبرة لكل من غفل عن شرع الله تعالى فتهاون في تحذير ربنا تبارك وتعالى من اتباع خطوات الشيطان ، فراح يتساهل في الأمور حتى يقع على أم رأسه ، وها أنتِ قد تهاونتِ مع هذا الشاب فتجرأتِ على الحديث معه ونصحه ، ثم رضيتِ أن تستقبليه في بيتك ، ثم رضيتِ الخلوة معه ، ثم زيَّن لكِ الشيطان أنه بمثابة أخيك ، ثم ماذا ؟ ثم وقع الزنى في المجلس نفسه وفي بيتك وممن أوهمك الشيطان أنه مثل أخيك ! فأين هي الخطوة الأولى للشيطان ؟ إنها الحديث مع هذا الرجل الأجنبي ، ثم تتابعت خطوات الشيطان حتى أوقعك فيما وقعت فيه من أقبح المعاصي ، ومن هنا نعلم الحكمة في قوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) الإسراء/32 ، فهو تعالى لم ينه عن ط§ظ„ط²ظ†ط§ فحسب ، بل نهى عن قربانه ، والمقصود به النهي عن تعاطي أسبابه المؤدية إليه ، ونسأل الله تعالى أن يستر عليك ، وأن يغفر لك ، وأن يعينك على تحقيق التوبة الصادقة .
ثانياً :
لا شك أن ذنب ط§ظ„ط²ظ†ط§ ذنب عظيم ، وهو من كبائر الذنوب ، ولذا جاء فيه من العقوبة ما يدل على عظَمه وقبحه في الشرع والعقل والفطرة .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وخصَّ سبحانه حدَّ ط§ظ„ط²ظ†ط§ من بين الحدود بثلاث خصائص :
أحدها : القتل فيه بأشنع القتلات ، وحيث خففه جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد ، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة .
الثاني : أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه ؛ بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم ، فإنه سبحانه من رأفته بهم شرع هذه العقوبة ؛ فهو أرحم منكم بهم ، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة ؛ فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره … .
الثالث : أنه سبحانه أمر أن يكون حدُّهما بمشهد من المؤمنين ، فلا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد ، وذلك أبلغ في مصلحة الحد ، وحكمة الزجر " انتهى .
" الجواب الكافي " ( ص 144 ، 115 ) .
ثالثاً :
ومع عظَم هذا الذنب ، وقبح هذه المعصية إلا أن الله تعالى فتح باب التوبة لأصحابها ، ووعدهم إن هم صدقوا في توبتهم أن يبدل سيئاتهم حسنات .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ماذا يجب على من وقع في جريمة ط§ظ„ط²ظ†ط§ للخلاص من آثار فعلته تلك ؟
فأجاب :
" ط§ظ„ط²ظ†ط§ من أعظم الحرام وأكبر الكبائر ، وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة ، والخلود فيه صاغرين مهانين ، لعظم جريمتهم وقبح فعلهم ، كما قال الله سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا ) الفرقان/68، 69 ، فعلى من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى التوبة النصوح ، واتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، وتكون التوبة نصوحا إذا ما أقلع التائب عن الذنب ، وندم على ما مضى من ذلك ، وعزم عزما صادقا على أن لا يعود في ذلك ، خوفا من الله سبحانه ، وتعظيما له ، ورجاء ثوابه ، وحذر عقابه ، قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 ، فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر هذه الفاحشة العظيمة ووسائلها غاية الحذر ، وأن يبادر بالتوبة الصادقة مما سلف من ذلك ، والله يتوب على التائبين الصادقين ويغفر لهم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 9 / 442 ) .
رابعاً :
ولا يجوز للزانييْن أن يتزوجا إلا بعد التوبة الصادقة ؛ لأن الله تعالى حرَّم ذلك على المؤمنين فقال : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
وقد سبق بيان حكم هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 14451 ) و ( 22448 ) و ( 11195 ) فلتنظر .
خامساً :
وإذا كان الجنين قد تمَّ نفخ الروح فيه فإن إسقاطه جريمة أخرى غير جريمة ط§ظ„ط²ظ†ط§ ، وقد سبق بيان حكم هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 13317 ) و (11195 ) و ( 40269 ) فلتنظر .
سادساً :
والحل لمشكلتك أن تطلعي عقلاء أهلك على موضوعك ، ولا بدَّ للمرء الذي يخالف شرع الله تعالى أن يتحمل تبعات معصيته في كثير من الأحيان ، ولا بدَّ للأهل أن يقفوا مع ابنتهم الآن قبل غدٍ ، فهي وإن أسقطت جنينها إن كان قبل نفخ الروح فيه : فهي لم تعد بكراً ، وهذه – أيضاً – لها تبعات عند الزواج ، فهم في كل الأحوال لا بدَّ لهم من أن يحلوا مشكلة ابنتهم ، وهي قد تابت وأنابت و" التائب من الذنب كمن لا ذنب له " – رواه ابن ماجه ( 4250 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3145 ) – وهي إن لم يكن لها ذنب من حيث الإثم بعد توبتها ، لكن لذنبها آثار عظيمة ينبغي حلها قبل استفحال الأمر وانتشاره بما يؤذي الأسرة كلها ، وليس الحل في تزويجها لذلك الزاني قبل التوبة ؛ لأن زواج الزاني محرم – كما سبق – ، فإن تابا فلا حرج عليهما إن شاء الله تعالى في زوجهما .
كما لا يجوز لها التزوج من غيره إلا بعد استبراء رحمها ، واستبراؤها يكون بوضع الحمل ، والدليل على هذا : ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ) رواه أبو داود ( 2157 ) ، وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 1 / 171 ، 172 ) : إسناده حسن .
ولمعرفة عظيم فضل الله تعالى في توبته على عباده ، وأنه تعالى يقبل التوبة من التائبين مهما بلغت ذنوبهم عظمة وكثرة : نرجو الإطلاع على أجوبة الأسئلة التالية : ( 624 ) و ( 13990 ) و ( 47834 ) و ( 23485 ) و ( 20983 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
kwpjXi t[hx gda;vih t,ruh td hg.kh !
نسأل الله الستر والعافيه
جزيتي خير الجزاء أخيه …
جزاك الله الجنه..
الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا