فرحة إنسان كان بأرض فلاة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فانفلتت
منه فأيس منها ، فجلس إلى جذع شجرة ينتظر الموت . . . فأخذته إغفاءة
ثم أفاق . . . فإذا بها واقفة عند رأسه . . . وعليها طعامه وشرابه . . .
فقام إليها . . . وأمسك بزمامها ثم صاح من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا
ربك !..
فسبحانه ماأعظمه وأرحمه . . . يفرح بتوبة عبده ليفوز بجنانه . . . ويحظى
برضوانه ، وهو -جل وعلا -ينادي عباده المؤمنين بقوله
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ المُؤمِنُونََ لَعَلَّكُم تُفلِحون }
فالتوبة غسل القلب بماء الدموع وحرقة الندم . . . فهي حرقة في الفؤاد
ولوعة في النفس . . . وانكسار في الخاطر . . . ودمعة في العين . . . إنها
مبدأ طريق السالكين . . . ورأس مال الفائزين . . . وأول إقدام المريدين
ومفتاح استقامة المائلين . . . التائب يضرع ويتضرع . . . ويهتف ويبكي ؛
إذا هدأ العباد لم يهدأ فؤاده . . . وإن سكن الخلق لم يسكن خوفه . . . وإذا
استراحت الخليقة لم يفتر حنين قلبه . . . وقام بين يدي ربه بقلبه المحزون
وفؤاده المغموم منكساً رأسه . . . ومقشعراً جلده . . . إذا تذكر عظيم ذنوبه
وكثير خطئه . . . هاجت عليه أحزانه . . . واشتعلت حرقات فؤاده ، وأسبل
دمعه . . فأنفاسه متوهجة . . وزفراته بحرق فؤاده متصلة . . قد ضمر نفسه
للسباق غداً . . وتخفف من الدنيا لسرعة الممر على جسر جهنم .
المرجع : كتاب أسعد امرأة في العالم
للدكتور : عائض القرني
* * * lhx hgj,fm H’iv lhx * * *
اللهم إجعلني وكاتبته وقرائه من التوابين والأوابين يا ذا الجلال والإكرام