تخطى إلى المحتوى

أزمة العصر 2024.

لا شك ان المسملين بصفة عامة أدنى الى المسالمة، وأن العرب بصفة خاصة اقرب للألفة والثبات على العهد من غيرهم.

ذلك لأن أصل الاسلام لا يستلزم الوحشة بين المسلمين وغيرهم، بل ان العرب قديما اينما حلوا من البلاد، جذبوا اهلها بلين الجانب وحسن القدوة لدينهم ولغتهم.

لكن الغرب لا يريد ترك المجال لتجارب حضارية اخرى، بل ويسعى لمحاولة قهر هذه التجارب المختلفة لصياغة البشرية.

ونحن لا ننسى في زحمة الاحداث ما للحضارة الغربية من ابداعات هائلة، ومحاسن لا يجوز انكارها، غير ان جوانبها اللاانسانية ما عادت تخفى على احد حتى حكماء الغرب انفسهم، فإذا كانت تلك أباطيل وأوهام الغرب، فتلك ازمة العصر، لكن أين نحن من تلك الأوهام؟ أين البديل؟ وما مؤهلاته؟

نريد ان نؤكد ان الاستلاب وهو فقد الثقة والهوية هو ابشع ما تبلى به الأمم المهزومة، فنحن أمة لها منهج ولها تجارب وتاريخ، ويجب عند الموازنة ان نعود لعقولنا وأفكارنا لتعود الينا أفكارنا، فمن يحيي الثقة، تحييه الثقة!

لكن العقل من الأسف ليس هو المقرر الوحيد للنهوض البشري، فلابد من الفاعلية، فالتأهل للحياة ليس تغنيا بالذات، بل بقدرتها على حفظ الذات والدفاع عنها وتنميتها في وجه التهديدات الثقافية والاجتماعية والعسكرية.

وكل هذا صحيح ومهم، لكنه مع الأسف لا يكفي ولا يشفي، فلابد من الفقه الشامل، بالتأكيد على الهوية الاسلامية لا يكفي لنأكل خبزا أو لنهزم عدوا، ان الهوية لا غنى للانسان عنها ولكن ليس بالهوية وحدها يحيا الانسان!

إذاً يبقى العمل على مضمار الوعي والثقافة مهماً ولا غنى عنه، وتبقى أمام التيار الحركي التغييري مهمة اثبات أنه قادر على البناء، كما هو قادر على التصدي للاستلاب الثقافي، وميدان الحياة الواسع هو المضمار الذي يسبق فيه الأعلم صاحب الانجازات ويتهاوى فيه الأعجز، أعني صاحب الشعارات! وتلك ايضا ازمة العصر!

وعموما يجب ان نفهم ان الاختلاف الواعي والمنظم، ثراء لتجربة العمل الاسلامي، وايضا للرصيد الفكري والنظري الاسلامي، فعلى اولي الالباب ان يفكروا بجد في هذه المرحلة التي يواجهون فيها حربا عالمية ثقافية وسياسية واقتصادية، ان ينطلقوا في حركة حوار وتجديد حتى لا يسقطوا تحت تأثير اخطائهم، وفي حركة وعي للواقع حتى لا يكونوا فريسة مخططات عالمية، فخطأ الحسابات له نتائجه الفادحة.

ان الخطاب الفعال هو رصد لطبيعة المواقف والتصورات التي تمثل محور التحرك الاسلامي، وتشكل مقدمة ضرورية لإثارة نقد علمي هادئ ومتزن يرتكز على قواعد معرفية وواقعية، ويهدف الى ترشيد العمل الاسلامي وتلافي الاخطاء القاتلة.

بيد ان التصويب الحركي للعمل الاسلامي يحتاج الى وعي شرعي وعلمي، ومعه نقاء الفطرة، أي يحتاج الى ضابط فكري، وآخر نفسي، فهنا نتحكم في مسار التصويب الحركي للعمل الاسلامي.

أما الفكر الناعس والعقل الجامد، فسوف يأتي على صاحبه الاجل وهو في محله، فلن يستطيع معالجة ذرة من امراض الأمة، لأنه في واد، والأمة ومشكلاتها وأمراضها في واد آخر!

وأخيرا لا بد ان نعرف ان مبدأ اعمال الفكر وتنشيط العقل، هو الضمانة الاولى لرد الشارد، وتثبيت الصادق، وانطلاق الجسور، فالتفكير فريضة اسلامية كما يقول العقاد، وأول التفكير هو الحوار الفعال، ومن دون هذا التفاعل المهم فستبقى الدعوة جامدة، وسيبقى الدعاة بعيدين عن معانقة مشكلات الامة، ومن ثم سوف يعجزون عن ملاحقة العالم الموار، وسيبقى العرض مستمرا الى ان يشاء الله!
أسامة طه حمودة


H.lm hguwv

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك وجعله في موازين اعمالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.