تخطى إلى المحتوى

الشاعر الكبير أديب كمال الدين يفتح قلبه فى أجرأ حوار مع الطائر المغرّد فى سماء الشعر 2024.

ضيفنا هذه المرة ليس ككلّ مرّة، ضيف مثل النسيم إذا أهلّ فرحت به، وإذا أقلّ افتقدته، كالطير ط§ظ„ظ…ط؛ط±ظ‘ط¯ فى السماء كلامه، يحمل بين كلماته أسرارا وأسراراً. سنحاول فى حوارنا مع الأديب العراقى ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط£ط¯ظٹط¨ ظƒظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† أن نغوص فى أعماقه ونخرج لكم درره ومكنوناته ليعرف القارىء عن قرب ط§ظ„ط´ط§ط¹ط± الذى أحبّه.
ولد ط§ظ„ط´ط§ط¹ط± ط£ط¯ظٹط¨ ظƒظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† في بابل 1953 وأكمل دراسته الجامعية بجامعة بغداد ليحصل على بكالوريسين الأول في الاقتصاد 1976 والثاني في الأدب الإنجليزي 1999 كما حصل على دبلوم الترجمة الفورية من المعهد التقني بولاية جنوب أستراليا 2024. أصدر المجاميع الشعرية: تفاصيل1977، ديوان عربي 1981، جيم 1989، نون 993، أخبار المعنى 1996، النقطة 1999، حاء 2024، ماقبل الحرف مابعد النقطة 2024. كُتبت عن تجربته الشعرية التي تستلهم الحرف العربي مجموعة كبيرة من الدراسات والبحوث النقدية كتبها نقاد وادباء من أمثال: د.عبد العزيز المقالح، د. مصطفى الكيلاني، د.حسن ناظم، نجاة العدواني، د.جلال الخياط، د. ناظم عودة، فيصل عبد الحسن، علي الفواز، د. حسن سرمك حسن، وديع العبيدي، عيسى حسن الياسري، د.بشرى موسى صالح، عدنان الصائغ، محمد الجزائري، د. حاتم الصكر، د.عدنان الظاهر، د. مقداد رحيم، عيسى الصباغ وغيرهم. كما تـُرجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والكردية ونُشرت في مختارات شعرية عراقية وعربية وأسترالية. شارك في العديد من المهرجانات الشعرية في العراق والأردن وأستراليا وفي ربيع ط§ظ„ط´ط¹ط± (ملتقى ط§ظ„ط´ط¹ط± العراقي – الفرنسي). نال جائزة الإبداع الكبرى في ط§ظ„ط´ط¹ط± 1999. عضو في عدد من المؤسسات الأدبية والصحفية والترجمية العراقية والعربية والأسترالية. ترجم إلى العربية أعمالا أدبية وشعرية لشعراء وكتاب من أمريكا وألمانيا والصين واليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا. و هو يقيم حاليا في أستراليا.

– الغربة كيف تفهمها ؟ وهل ترى أن كتاباتك تشابكت مع الغربة ؟
* تبدو مسألة الغربة بالنسبة لي مسألة شائكة ومعقدة تماما . ذلك ان معاناتي كإنسان وكشاعر تبدأ من غين الغربة ولاتنتهي بتائها المربوطة ! فمن طفولة مُعَذّبة بدأت الغربة نفسياً وعائلياً وامتدّت لسنوات الشباب الباحثة عن المعنى والانسجام والتفرّد والمستقر، ثم بين قصص الحب الفاشلة ومحاولة الاندماج بالمجتمع، تعقدّت الغربة وبدا حضورها جليّا فكانت شرارة أولى لكتابة الحرف ، ومن ثم للبحث بقسوة، عن معنى النقطة. كنتُ مغتربا وأنا أعيش وسط الوطن، ووسط المجتمع العام والخاص، ووسط النخبة الثقافية التي ما إن حاولت الاندماج معها حتى اكتشفت مبكراً استحالة ذلك لأنها تتخذ من الأيديولوجيا تحديداً لماهية الإنسان. كان هذا في السبعينيات، ثم في الثمانينيات والتسعينيات حيث كانت النخبة تتماهى، بشكل أو بآخر، مع مؤشرات خطاب " القائد الضرورة ”. أي في الحرب وفي رعبها، وفي الحصار وفي ناره، اتسعت غربتي واشتدّت فلا أنا ممن كتب ولا أنا ممن مجّد فأراح واستراح بل كنت من الذين قاوموا بالكلمة عملية دهس الكلمة التي مارستها المؤسسات الثقافية القمعية. كنتُ من القلة القليلة التي ارتضت بهذا الصراع السريّ الخفيّ الخطر: أن تبقى في الداخل ولا تتماهى مع شروط إعلام و" إبداع " الداخل بل تؤسس بأظافرها المدماة لكلمة الحق. هكذا كتبت مجاميعي "جيم " و " أخبار المعنى" و" النقطة" و " حاء". وهكذا واجهت المدّ الإعلامي الجنوني فاتخذت من قناع الحرف أولاً ومن قناع النقطة ثانياً وسيلة للكشف عما يحدث من تزييف لحقيقة ط§ظ„ط´ط¹ط± وجماله ومعناه. كانت الغربة بمرور السنين تشتدّ والثمن الذي أدفعه لكي أبقى حياً وسط حروب مدمرة وحصارات وحشية وتهميش إعلامي وثقافي غالياً. بعبارة أخرى كانت الغربة داخل الوطن عذاباً حقيقاً لم يعرفه إلا القلة من الذين اختاروا معي صفاء الكلمة وشظف العيش وارتياب الآخر وتهميشه بدلاً من مسخ الموقف والاندماج الغبي بالمؤسسة. وما أن وصلتُ إلى أستراليا حتى بدأت غربة أخرى تطلّ برأسها: إنها غربة اللغة. ولحسن الحظ فإنني قد أعددت نفسي لها إعداداً جيداً حيث درست الأدب الإنكليزي بكلية اللغات بجامعة بغداد في التسعينات. لكن الغربة هي كما اكتشفت ليست لغوية بل أوسع من ذلك إنها حضارية وهي غربة تقوم على اصطدام الحضارات والثقافات. وأنا القادم من الشرق الفقير المحبَط هو من سيكون نقطة اصطدام الشرق بالغرب شئت ذلك أم أبيت. بالطبع هناك، قبل هذا كله، غربة الإنسان في هذا الكون. إنها الغربة الأقسى ، هي غربته وهو يحاول عبثاً فكّ طلاسم الموت: الوجه الآخر للحياة. هي غربة تطلق شرار ط§ظ„ط´ط¹ط± فيّ وتدلني، منذ كتابتي قصيدتي الأولى وحتى الأخيرة ، على انحسار الأمل لا انحسار السؤال. هذه الغربة هي رديف عظيم للسؤال الشعري، رديف يتبعني كظلي. إذن فالغربة تتماهى معي، تتشرّبني أنىّ أكون زمانياً ومكانياً. هي فقط تغيّر أسماءها وأقنعتها، لكن الجوهرعصيّ على الفهم والسيطرة وإن حاول ط§ظ„ط´ط¹ط± مستميتاً أن يروّضه أو ينتصر عليه.

– مجموعتك الجديدة " ماقبل الحرف .. مابعد النقطة " كُتِبتْ كلها في أستراليا، فكيف تعاملتَ مع نصك الحروفي الشعري المتميز هنا ؟
شعرياً بدأ السؤال الإبداعي، في أستراليا، يأخذ عندي مسارات عديدة: فأنا مبتهج بحروفيتي الشعرية وتوكيدي على استخدام الحرف العربي جماليا ً وكشف مستوياته: الروحية والأسطورية والخارقية والإيقاعية والتراثية والتشكيلية والرمزية والطفولية والصوفية والسحرية والقناعية. هذا الكشف الذي أشاد ب، ولله الحمد، النقد العراقي والعربي. نعم، فهذه الحروف منحتني قدراً من البوح أو الترميز وأنا في داخل زنزانتي البغدادية المرعبة. الحرف بلغة العرفان رمز دلالاته لاتنتهي! دلالاته، بكلمة واحدة، تشبه أذرع الاخطبوط التي لاتكفّ عن الحركة واللعب، فكيف يمكن للرقيب الغبي أن يمسك بها؟! حسنا: هل سأستمر هنا معمقاً حروفيتي وجماليتها لأواجه بصعوبة الأمر أن أردتُ أن أتواصل مع الثقافة الأسترالية: فإذا كان بالإمكان ترجمة بعض ط§ظ„ط´ط¹ط± وبخاصة شعر "الثيمة " فإن الحروفيات لا تُترجم البتة! أم تراني سأكتبُ بالإنكليزية محاولاً القفز على خسارات الكاتب العربي المعروفة للقاصي والداني؟! لاهذا ولا ذاك. قررتُ أن أؤكد على سؤال الحرية العظيم: هذا السؤال الذي جعلني أنتقل من بلد الى بلد ومن أرض الى أرض ومن قارة الى أخرى. نعم سأطلقُ حروفيتي وتجربتي الشعرية كلها لأتحاور معها في فضاء أكثر عمقاً وحضوراً، في فضاء يطلق أسئلة ط§ظ„ط´ط¹ط± الكبرى. وإذن عمقّت أو حاولت ان أعمّق في هذه المجموعة تجربتي الحروفية عبر قصائد من أمثال: "صيحات النقطة"، "حوارات النقطة"، "اعترافات النقطة "، "ضجة في آخر الليل"، "سجود "، يابائي وبوابتي". وأن أطوّر قصيدتي القائمة على "الثيمة" من أمثال : "مطر أسود .. مطر أحمر"، "تمثال"، "سؤال "، " قطرات الحب"، " أصدقائي الأوغاد والمنفيون والسذج "، "الأعزل ".

– بمَ تفسر أزمة الثقافة في مجتمعاتنا العربية ؟
* أزمة الثقافة العربية معقدة جداً وخطيرة جداً. فالعرب يدرون أم لايدرون هم خارج التأريخ ولولا النفط لما تذكرهم أحد بخير أو بشر. ويبدو الوجه الأول لهذه الأزمة متعلقاً بكيفية قراءة التأريخ واستخلاص الدروس والعبر منه. الإنسان العربي يعيش في الماضي بشكل كليّ. الماضي هو الأندلس، هو التفوق، هو المسرة. صحيح أن في الماضي العربي الإسلامي الكثير من الضوء والإبداع لكن مانحتاج إليه بقوة هو أن نأخذ هذا الضوء إلى المستقبل، نحوره إذا استلزم الأمر ليكون مستقبلياً، أي ليكون حياً وقابلاً للتجدد ومواكبة روح العصر. أما لي العنق إلى الماضي أبدا دون مراعاة للتحديات الخطيرة والجديدة فهذا هو الخذلان بعينه دونما أدنى شك. الوجه الآخر لهذه الأزمة هو أن العرب – وغالبية النخبة المثقفة منه -مؤمنون بنظرية المؤامرة بشكل يدعو إلى الحزن والرثاء. دون تقدير لحقيقة أن نظرية المنافسة هي الأجدر بالقبول والتصديق: المنافسة الاقتصادية والعلمية والثقافية والصناعية والزراعية ..إلخ والمنافسة ليست نزهة ولالعباً بل الامتلاك العنيف لكل شيء. والوجه الثالث لأزمة الثقافة العربية يتلخص بعبارة تقول بوضوح مابعده وضوح أن "العربي لايقرأ“. فالقراءة عند العربي هواية لاتمارسها إلا النخبة المثقفة وبدرجة معروفة. في حين أن الغرب يقرأ، ويقرأ بكثرة، بل أن القراءة هي هواية الجميع، وصناعة الكتاب صناعة رائجة ومزدهرة ومتطورة وهي في تصاعد كمي ونوعي. في حين أن كاتبنا وشاعرنا العربي ومؤلفنا العربي لايطبع من نتاجه الا إلرقم الهزيل ولايبيع منه الا الرقم الاكثر هزالا! كيف يطبع العربي الكاتب والروائي والشاعر من كتابه 1000 نسخة لأكثر من 300 مليون عربي؟ هذه مفارقة مؤلمة. كيف يريد العرب أن يواكبوا تطور الإنسانية وهم لايقرأون؟! يحدث هذا والعرب يملكون آلاف المليارات من الدولارات. ولو قارنت ماينفقه العرب على الملذات والتفاهات بما ينفقونه على الكتب لبكيت، نعم لبكيت !

– ما هي أولى كتابات الأديب ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط£ط¯ظٹط¨ ظƒظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† وهل لها وقع خاص على قلبك؟
* أولى كتاباتي هي مجموعتي الشعرية الأولى " تفاصيل" الصادرة في العراق عام 1976 وقد طبعتها على نفقتي الخاصة. هي مجموعتي الأولى التي لايزال معظم قصائدها قادراً على مواجهة سؤال الشعرفنيا وهذا ما أفتخر به. ورغم أنني كتبتها في مطلع العشرينات من عمري فإنها ولله الحمد كانت قادرة على طرح أسئلتي الأولى عن الحياة بشكل ينبض بالحياة حتى الآن.

– هل ترى أن "الشعراء الشباب" لديهم نفس المَلَكة التي لدى جيلكم ؟ وهل هم قادرون على تحمل المسؤولية والحفاظ على ط§ظ„ط´ط¹ط± العربي؟
الشعر مشروع فردي: فردي في الحضور والتطور والتأصيل والتجديد والتفرّد. ومن المؤكد أن "الشاعر الشاب" يستطيع أن يبدع وهو يكافح من أجل شعر أعمق حرفاً وحضور أفضل رسوخاً ونقطة أكثر توهجاً. لكنها رحلة، كما قلت، فردية ولكي تؤتي بنتائج حسنة وثمار طيبة، فينبغي أن تكون رحلة ط§ظ„ط´ط§ط¹ط± حسنة الإعداد، لأنها رحلة خسارات لها بداية وليس لها نهاية، رحلة مضنية ومليئة بالمخاطر والمتاعب، وينبغي أن يكون ط§ظ„ط´ط§ط¹ط± قد أعدّ عدّته الثقافية واللغوية والشعرية والروحية وأن يستمر في تطوير هذه العدة وإثراء تفاصيلها حتى آخر يوم من حياته.

– الأديب ظƒظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† يتميز برقة المشاعر وتشعر معه بعذوبة الكلمات، فهل لهذه العذوبة والرقة التي أخرجت لنا مئات القصائدالجميلة العذبة قصة؟ وهل للمرأة نصيب فيها؟
* المرأة حرفي السريّ ونقطة روحي المضيئة. وهكذا سطّرتُ وسأسطر الحروف والنقاط والقصائد من أجل كشف هذا الحرف السريّ وكتابته رقماً وحلماً وطلسماً وإشارة ورائحة وطيراً ومنفى ووطناً وجنة وجحيماً. نعم فما دامت المرأة نقطة الروح فسأكتبها في حواراتها وأسئلتها وخروجها ودخولها وغربتها وغروبها ذ، وفي حياتها وموتها وخلودها وضياعها الأبدي .

المرأة كأس الحب المقدسة ولولاها لكانت المائدة مليئة بالأسى بدلاً من المسرّة، ولكانت الحفلة جديرة بالنسف بدلاً من المديح والإشادة والرسم والتصوير والتلوين والتأويل. لولاها لضاع الأثر والطريق، وضاع المعْلَم والمعلّم، وضاع السرّ و حامل السرّ وكاشف السرّ.


hgahuv hg;fdv H]df ;lhg hg]dk dtjp rgfi tn H[vH p,hv lu hg’hzv hglyv~] tn slhx hgauv

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.