تخطى إلى المحتوى

العـادة وأثرها في تربية النفوس 2024.

كم تأخذ العادة والتعوّد من حياتنا وسلوكياتنا..قد نجد من ينفر من هذا المصطلح في باب العبادة فيظن أننا نعني العادة التي تحيل العبادة إلى شيء لا روح فيه..وبلا شك نحن لا نعني ذلك النوع من العادات ولا تلك الطريقة من التعوّد..إنما نقصد بهذا المصطلح: تلقي المرء شيئاً من الدربة والمران على طاعة الله وامتثال أمره..فيكتسب المرء بذلك قدرة على التحكم في ذاته وإدارة وتوجيه إرادته نحو ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة..
ولعل المعنى بدأ يتضح الآن..
نحن نعلم أن الله ما خلقنا إلا لغاية عظمى وهي عبادته وامتثال أمره..لكن هذا الامتثال بحد ذاته من الكلفة بمكان على نفسٍ اعتادت الانفلات والتروّح في مفازة الشهوات التي تبعد بصاحبها عن الهدف الذي خلق من أجله.. قال – تعالى -: ((وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون)).
* هل تأمّل أحدنا ما نصيب العادة والاعتياد على الطاعة وقسر النفس عليها امتثالاً لأمرٍ أو انتهاءً عن نهيٍ في سلوكنا التعبدي؟
نحن نحتاج إلى التعود على الطاعة.. هل حقاً تعودنا على الطاعة بالصورة التي أمرنا الله بها؟؟ ولنأخذ مثالاً بسيطاً جداً..هذه الصلاة التي نصليها بين يدي الله كيف نصليها ولعلني أقترب بالسؤال أكثر فأقول: سل نفسك بعد فراغك من الصلاة:

* هل أنت راضٍ عن تلك الركعات والسجدات التي فعلتها وتقربت بها إلى مولاك؟
* هل هذه هي الصلاة التي أمرني بها النبي – صلى الله عليه وسلم – تامة كاملة؟
لا تتأزم من هذه الأسئلة..نحن لا نريد إلا المكاشفة مع النفس وشيئاً من الشفافية والوضوح يقودنا للطريق الصحيح.
إذا كانت الإجابة بلا.
* هل حاولت أن تصلي خاشعاً؟ دعنا نجرب, الأمر يحتاج إلى شيء ٍ من الدربة والمران.. أنت تحتاج أن لا تلتفت أبداً..لا يلتفت بدنك بكثرة الحركات المشغلة المذهبة للخشوع..أنت تحتاج أن تسكن..أن تشعر بسكون لأنك بين يدي ربك..لا تلتفت أبداً ولذلك النبي صلى الله نهى عن التفاتٍ كالتفات الثعلب.
وأيضاً تحتاج إلى ضبط قلبك قليلاً فلا تشغله بأجلّ من هذا المقام..مقام الوقوف بين يدي الله الذي لا أجلّ منه ولا أكبر منه ولا أعظم.
اطرد كل الخواطر من صدرك..وحاول أن تحضر قلبك..اجتهد في ذلك وسل الله العون فإنه إذا علم منك إخلاصاً ورغبةً وحاجةً وفاقة واضطراراً أعانك..وأيّ اضطرار أشدّ من اضطرارنا لمناجاته والوقوف بين يديه وهو سبحانه الذي أمرنا بإقامة هذه الشعيرة فقال في محكم التنزيل ((وأقيموا الصلاة)) ((وأقم الصلاة واصطبر عليها)).

أذكرك مرة أخرى.. بشأن تلك الشعيرة العظيمة التي هي من أعظم وسائل الصبر والتصبر على سائر العبادات الأخرى بله الصبر على مصاعب الحياة التي تعترض المرء في حياته.
نحن أمرنا بإقامة الصلاة والأمر بإقامة الصلاة في نصوص الكتاب والسنة فُهم منه الاستمرار في هذه الإقامة دون كللٍ أو ملل..ومعنى يقيمها:أن يأتي بها تامة كاملة مستقيمة معتدلة فيأتي بأركانها وشروطها وآدابها على الوجه المأمور به… ويكون فيها مطمئناً متخشعاً..هذا كله داخل في معنى إقامتها…فإقامتها فريضة لا تنتهي ولا تنقضي..بل ترافقنا طيلة المدة المضروبة لبقائنا في الحياة الدنيا.
نعود لحالنا ولننظر كيف هي صلاتنا؟
كم أخذ منا التدرب على تلك الإقامة وذلك التخشع..؟
هل تهيأت لصلاتك كما ينبغي لتعان عليها وعلى إقامتها..فإن للصدق في العمل والحال علامات..تظهر على العبد بل وتحركه من داخله لكي يجتهد في التهيؤ..والاستعداد.
هل يشعر القلب بأنه لا أعظم من تلك الحال التي سيقف بين يدي ربه ويناجيه؟ هل يشتاق لكل صلاة..؟
مهلاً ! لا تتعجل!
هذه أحوال للقلب نبدأ بها وسننتهي بها بإذن الله وليست ضرباً من الخيال…وإن استشعرنا أهمية العادة في تدريب الجوارح على هيئات معينة وأحوال معينة في أزمنة معينة مع ما يلاقيه العبد من كلفة ومشقة يؤجر على تكبدها وتحمّلها في سبيل الله.. كل ذلك ما فعله إلا امتثالاً لأمر الله..وطاعةً لله..رغبةً فيما عند الله..
سنرى النتيجة التي تشتاق إليها قلوبنا..
إذن ما أردنا الوصول إليه من خلال هذا المثال..هو أنّ التدريب على العبادة حتى يدمنها الإنسان ويعتادها أمرٌ مطلوب..ولابدّ أن يجتهد في تحصيله ولا يتكاسل عنه أو يزهد فيه..لأنه مفتاح للتوفيق بإذن الله – تعالى – في هذه العبادة وفي أي عبادةٍ أخرى..
ولا أعني بذلك أن تكون بلا روح ولكن الإدمان الذي يجعل من الصعوبة بمكان أن نستغني عن هذه الطاعة أو نفرط فيها بل نجد الألم والتقريع من النفس التي كانت تتأبى علينا في السابق وتتمنع وتثبطنا عن القيام بها أو اتقانها…! بل تشعر أنك تفقد شيئاً من تركيزك..وتغزوك الهموم لو أنك فرطت وغفلت..!
لنأخذ مثالاً حياً..رسولنا – صلى الله عليه وسلم -…يقول حديثاً فيما معناه ((حبّب إلىّ من دنياكم الطّيب والنّساء وجُعلت قرّة عيني في الصلاة)).
أتدرون ما قرة العين؟
نعيم القلب وسروره وسعادته وبرودة تغشاه فيسكن ويلتذّ بهذه العبادة
ولذلك لا نعجب أنّه – صلى الله عليه وسلم – في حال اضطراب القلب واجتماع الهموم وهي أحوالٌ بشرية تعتري كل الناس بما فيهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -..ماذا كان يفعل؟
((كان إذا حزبه ُ أمرٌ فزع إلى الصلاة)).
فزع!
حتى تستقر نفسه وتسكن إلى باريها..جاهد في هذه الصلاة حتى أصبحت قرة عينه ,بل المفزَع عند اجتماع الهموم..
وهذا كله لا يتأتى له من يوم أو يومين أو فرض أو فرضين..بل مجاهدة شاقة وطويلة.
يقول الله – تعالى – ((والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين))
فالأمر يحتاج منّا جميعاً كي نصل إلى النتيجة المطلوبة بعد توفيق الله هي المداومة والمجاهدة على الطاعة حتى تستقيم النفس عليها وتعتادها..هذا ليس في الصلاة وحدها بل في سائر العبادات فإذا كان ذلك..أصبح من العسير تركها أو التفريط فيها…لتعلّق القلب بها..وربطها للعبد بمولاه فلا يطيق صبراً لفراقها ولا تسكن روحه إلا بها.فهلاّ حاولنا وجاهدنا؟! لاشك أننا سنرى النتيجة.


((منقول))


hguJh]m ,Hevih td jvfdm hgkt,s

جزاك الله خير عالنقل
أهلا رورو2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.