روي أن عمر بن عبدالعزيزـ رضي الله عنه ـ شيع جنازة من أهله، ثم أقبل على الناس فوعظهم..وكان من كلامه أنه قال:(( إذا مررت بهم،فنادهم ومر بعسكرهم،وانظر إلى تقارب منازلهم ،وسل غنيهم: ما بقى من غناه؟!.. وسل فقيرهم: مابقي من فقره؟!.. وسل عن اللسان الذي به يتكلمون؟!..وعن الأعين التي كانوا بها إلى اللذات ينظرون ؟!.. واسألهم عن الجلود الرقيقة، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة..ما صنع بها الديدان؟.. محت الألوان ، وأكلت اللحمان، ومحت المحاسن، وفرقت الأعضاء، وخرجت الأشلاء.. فأين حجابهم وقيانهم؟!.. وأين خدمهم وعبيدهم ؟!.. وأين جمعهم وكنوزهم..والله ما زودوهم فرشا، ولا غرسوا لهم شجرا،ولا أنزلوهم من اللحد قرارا،أليسوا في الخلوات ؟!.. أليس الليل والنهار عندهم سواء؟!..أليسوا في مدلهمةظلماء؟!..قد حيل بينهم وبين ما يشتهون.
كم ناعم وناعمة أصبحوا ووجوههم بالية، وأجسادهم عن أعناقهم مائلة، وأوصالهم متفرقة ، قد سالت الحدق على الوجنات ، وامتلأت الأفواه صديدا، ودبت دواب الأرض في أجسادهم ، وتفرقت أعضاؤهم ، ثم لم يلبثوا ـ والله ـ إلا يسيرا، حتى عادت العظام رميما، قد فارقوا الحدائق، وصاروا بعد السعة في المضايق، وقد تزوجت نساؤهم بعدهم، وترددت في الطرق أبناؤهم، وتوزع ذوو القرابات ديارهم وميراثهم .. ومنهم الموسع عليه في قبره..ومنهم المضيق عليه ..))
إلى آخر كلامه ـ رضي الله عنه ـ.
عبير الورد
k]hx hgHl,hj
بارك الله فيك
جزاك الله خير