تخطى إلى المحتوى

آداب النظر وأحكامه . 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم ..

هذا المبحث من هذا البحث مهم جداً ، ولذا آمل منكم قراءته كله قراءة متأنية والسؤال عما أشكل عليكم فيه ، والله أسأل أن يوفقني وإياكم لصالح القول والعمل ..

——

ويتعلق بهذا الأدب وهو غض البصر بعض المباحث :

المبحث الأول- نظر الرجل إلى المرأة
1- يحرم على الرجل ط§ظ„ظ†ط¸ط± إلى المرأة الأجنبية الحرة البالغة التي يُشتهى مثلُها إلا لحاجة كما سيأتي بيانه .

2- يباح للرجل أن يرى من محارمه وهُنَّ مَنْ حَرُمْنَ عليه على التأبيد بنسب أو بمصاهرة أو برضاع مُحَرِّم ما جرت العادة برؤيته ؛ كالوجه والشعر واليد والرجل . ويحرم عليه ما سوى ذلك . فإن كان في نظره إليهن فتنة حرم عليه ط§ظ„ظ†ط¸ط± .

3- يباح للرجل ط§ظ„ظ†ط¸ط± إلى الأجنبية الصغيرة التي لا تحرم عليه وهي من بلغت تسعاً ولم تبلغ ، يباح له ط§ظ„ظ†ط¸ط± بما جرت العادة بكشفه كما في الفقرة السابقة . فإن خيف الفتنة أو ثورانها ، أو قصد التلذذ بنظره إليها حرم عليه ذلك من باب تحريم الوسائل .

وهنا أود أن أشير إلى تساهل بعض النساء في التكشف لغير محارمهن بدعوى أنها نشأتْ معه وتعتبره مثلَ أخيها ، أو بدعوى أنها تعرفه منذ صغره .
وأدهى من ذلك التكشف للخدم والعمال والسائقين ، وقد حصل من ذلك بلاء كبير وفتنة عظيمة ليس هنا مجال ذكرها مفصلة . بالإضافة إلى ترك الخادمات يظهرن شعورهن وزينتهن أمام الأولاد الذكور البالغين وربِّ المنزل والأجانب ، وهذا منكر عظيم يجب أن يتفطن له .

المبحث الثاني- حكم نظر المرأة إلى الرجل .
لتقرير هذه المسألة لابد من تقعيد بعض القواعد :

القاعدة الأولى –
الأصل غض البصر بدليل قوله تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } . ودلالة الآية واضحة على المراد ، فحيث جاءت نداءات القرآن الكريم بلفظ (يا أيها الذين آمنوا ) ودخل في ضمنهما المؤمنات ، جاء الخطاب في هذه الآية مؤكداّ على المؤمنات دون الاكتفاء بذكر المؤمنين .

القاعدة الثانية-
نظر المرأة إلى الرجل نظر تلذذ وشهوة ، أو مع توقع ثورانها ، بمعنى أن تخشى لو نظرتْ إليه أن يقع في نفسها أو في قلبها شيء ، ففي هذه الحالة يحرم على المرأة أن تنظر إلى الرجل .

القاعدة الثالثة-
يحرم على المرأة أن تنظر إلى عورة الرجل إلا زوجها أو سيدها إن كانت أَمَةً .

القاعدة الرابعة-
يجوز للمرأة أن تنظر إلى محرمها ، ويحرم ط§ظ„ظ†ط¸ط± إلى العورة .

القاعدة الخامسة-
عندما نقول : يباح للمرأة أن تنظر إلى محارمها ماعدا ما بين السرة والركبة أو ما سوى العورة ، فلا نعني أن المرأة تجلس عند محارمها وما عليهم إلا ما يستر ما بين السرة والركبة ، بل المقصود أنه لو احتاج أحد محارمها مثلاً إلى أن يكشف عن صدره أو ظهره كما لو أحس بلدغة أو قرصة أونحو ذلك ، أو كانوا في حج أو عمرة وكانوا بلباس الإحرام ، فلا بأس أن يكشف عن ما سوى عورته بحضرتها ، أما العورة فلا يجوز لها ط§ظ„ظ†ط¸ط± إليها إلا عورة زوجها أو سيدها كما بينا .

وحيث استصحبنا هذه القواعد المتقدمة وعلمناها علم اليقين ، تبقى عندنا مسألة وهي في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها من غير محارمها مع عدم الشهوة أو التلذذ أو الفتنة أو خوف وقوعها ؛ كنظر المرأة إلى رجل كبير في السن لا تَتَلَذَّذُ بالنظر إليه ولا يدعو نظرُها إليه لفتنة ، فهذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين :

القول الأول- قالوا يحرم على المرأة أن تنظر إلى الرجل الأجنبي البالغ مطلقاً . واستدلوا على ذلك بما أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ، والنسائي في الكبرى والإمام أحمد والبيهقي من طريق الزهري عن نبهان مولى أم سلمة رضي الله عنها واللفظ لأبي داود قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( احتجبا منه )) فقلنا : أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسام : ((أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه )) ؟ .
والحديث فيه نبهان مولى أم سلمة ، نقل الذهبي عن ابن حزم تجهيله .
وقال ابن عبد البر : نبهان مجهول لا يعرف إلا برواية الزهري عنه.
وذكره ابن حبان في كتابه الثقات ، وقد جرى الحافظ على عادته الغالبة في مثل هذا فأشار في التقريب إلى أن نبهان مقبول ، والمقبول في اصطلاحه : من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وقد توبع على روايته .

فإن كان يعني بالمتابعة المتابعة على نفس الحديث المعين فنبهان ليس له متابع في هذا الحديث ، بل تفرد به عن أم سلمة ، فالأجدر أن يقال في حقه لين على الجادة التي مشى عليها رحمه الله ، ولكنه استروح ذكر ابن حبان له في الثقات ، وربما استروح أيضاً كونه تابعياً من أهل المدينة والتابعيون من أهل المدينة لهم مزية على غيرهم لأن الأهواء لم تجتح الحجاز مبكراً كما اجتاحت الأمصار الأخرى ولرواية الزهري عنه وهو من الأئمة المعروفين بكثرة الحديث إضافة إلى أن الترمذي قد قال في الحديث : حسن صحيح ، ولذا قال الحافظ في الفتح : وإسناده قوي- أي حديث نبهان- وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان ، وليست بعلة قادحة ، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته . أ.هـ

قلت : كلام الحافظ رحمه الله يدخل تحت مسألة تكلم فيها المحدثون وهي : هل رواية الثقة عن رجل تعد توثيقاً له ؟ وفي المسألة كلام ليس هنا مجال بسطه .

ومع كلام الحافظ المتقدم وقول الترمذي فيه (حسن صحيح) فقد قال الإمام أحمد رحمه الله : نبهان روى حديثين عجيبين . يعني هذا وحديث آخر عن أم سلمة في المكاتب .
وللحديث شاهد لا يفرح به عن أسامة بن زيد أخرجه أبو بكر الشافعي في الفوائد وفيه ذكر عائشة وحفصة بدل أم سلمة وميمونة ، وقلت لا يفرح به ؛ لأنه من رواية وهب بن حفص وقد كذبه أبو عروبة ، بالإضافة إلى كونه مخالفاً لحديث نبهان بإبدال أم سلمة وميمونة بعائشة وحفصة .

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي مقرراً هذا القول : ( كما يحرم نظر الرجل إلى المرأة كذلك يحرم نظر المرأة إلى الرجل ، وهو أمر قد جهله الناس فلا يأمرون به النساء ولا ينبهونهن على ذلك حتى صرن يسترسلن في ط§ظ„ظ†ط¸ط± إلى الرجال . وأشد من ط§ظ„ظ†ط¸ط± اعتقادهن أنه مباح … ) .

القول الثاني في المسألة- جواز نظر المرأة إلى الأجنبي عنها بشرط عدم التلذذ بالنظر إليه وعدم الشهوة والأمن من انبعاث الشهوة أو ثورانها ، فإن كان ط§ظ„ظ†ط¸ط± إلى الأجنبي بقصد التلذذ أو بشهوة أو يخاف أن تبعث الشهوة أو مع احتمال ثورانها فلا يجوز ولا يباح النظر.
واستدلوا على ذلك بما كان من أحوال النبي صلى الله عليه وسم حيث كانت النساء يستفتينه ويسألنه وهن يرينه ، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من خطبة العيد ذهب إلى النساء ووعظهن ومعه بلال ، وقصة نزول قوله تعالى { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } معروفة مشهورة ، وفيها قول عائشة عن المرأة إنها كانت تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم لا أكاد أسمع صوتها وقد سمعها الله فسبحان من وسع سمعه الأصوات .
وكذا الحال لمن هم بعد النبي من الخلفاء والعلماء .
واستدلوا أيضاً بحديث عائشة وهي قائمة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترها وهي تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحراب ، والحديث متفق عليه .
يقول ابن قدامه رحمه الله : ولو مُنِعْنَ النظرَ لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء لئلا ينظرن إليهم .

وأجابوا عن أدلة أصحاب القول الأول بما قدمناه من تضعيف الحديث …

وعلى فرض ثبوته فقد ذكر العلماء له جواباً وهو احتمال أن يكون ذاك خاصاً بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ إن لهن أحكاماً ليست لغيرهن كتحريم النكاح عليهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء } . قاله أبو داود وابن قدامة والقرطبي رحمهم الله أجمعين . أو لكون ابن أم مكتوم رجلاً أعمى فربما انكشف منه شيء دون أن يدري ولذا أمرهما بالاحتجاب عنه .

وقد رجح هذا القول البخاري في صحيحه عند تبويبه في كتب النكاح باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة ، وساق فيه حديث عائشة المتقدم . ورجحه الشيخ محمد بن صالح العثيمين كما في مجموع فتاواه .
وهذا القول وإن اختاره جماعة من الأئمة وارتضوه وهو الأقرب في الدليل والتعليل فلا بد من تحقق الشرط فيه وهو كما أسلفنا عدم التلذذ بالنظر ، وعدم الفتنة ، والأمن من ثوران الشهوة أو الفتنة .
أيها الأخوة والأخوات إنما أطلت في هذا المقام وفصلت فيه وبينت ما سبق لئلا يقوم أحد فينسب للأئمة أنهم يقولون بإباحة نظر المرأة إلى الأجانب مطلقاً ، فإنه لا قائل بذلك ، وإنما القول هو الذي قدمناه بالشروط المذكورة فيه .


N]hf hgk/v ,Hp;hli (7) >

شكرا لك أخي الكريم

وبارك الله فيك000

جزاك الله خير الجزاء
على هذه السلسله القيمه …………………
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركت اخانا الفاضل على ما تفضلت به .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.