الشق الأول: لا إله إلا الله. في هذا الشق، نشهد بأن الإله الواحد الأحد المستحق للعبادة المتصف بصفات الكمال المطلقة المنزه عن كل نقص، هو الله جل في علاه، وأن جميع المخلوقات خلقه لا خالق سواه، والإنس والجن والملائكة عبيده لا معبود لهم سواه. ولهذ، فإنهم ( الثقلين، لأن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، على عكس الجن والإنس الذين تبدر منهم مخالفات كلية أو جزئية لأوامر الله) مأمورون بعبادته جل وعلا وصرف العبادة له فقط، لأنه هو الرب المعبود الخالق ولا رب سواه يجازي على أفعال العباد إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. أي أن هذا الشق من شهادة لا إله إلا الله مقتضاه وجوب الإخلاص في العبادة.
الشق الثاني: محمد رسول الله. في هذا الشق، نشهد أن محمداً رسول من رسل الله الذين أرسلهم لهدف واحد، وهو تبليغ الإسلام للناس. فجميع الرسل جاءوا برسالة الإسلام وهي عبادة الله وحده واتباع الرسل، لكن الاختلاف في التشريعات. فمثلاً كانت توبة بني إسرائيل أن يقتل بعضهم بعضاً، وإذا أصاب عبد ذنباً ثم استغفر يجد مكتوباً على باب داره أن فلاناًُ قد عمل كذا وكذا وتوبته كذا وكذا، وكانت الصلوات خمسين صلاة في اليوم والليلة. فجاء المصطفى صلى الله عليه وسلم وختم برسالته جميع الأديان السابقة، وجاءت شريعتنا الإسلامية بيضاء نقية، سهلة التشريعات واضحة المعالم، تناسب الإنسان في كل زمان ومكان حتى قيام الساعة. ونشهد أنه هو النبي الذي ختم الله به الرسالات السماوية، والدين الذي أتى به هو المقبول عند الله ولا يقبل غيره. ولذلك، بجانب إخلاص العبادة لله تعالى، علينا اتباع من شرفه الله بتبليغ هذا الدين العظيم لنا، ولا نقوم بشيء لم يأمر به الله أو رسوله، فنحن مأمورون بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مع طاعة الله جل وعلا: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) سورة آية.
هذان الشقان معاً، يحملان كما قلنا مضمونين: الإخلاص لله تعالى في العبادة، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم. هذان المضمونان هما شرطا قبول العمل وقد أقررنا بهما عندما شهدنا بذلك، لذلك، فإن أي عمل يخلو من هذين الشرطين أو يخلو من أحدهما ( يعني عبادة بلا إخلاص، أو إخلاص بلا اتباع ) فهو غير مقبول عند الله جل وعلا بمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ما دفعني للكتابة، هو رسالة وصلتني عبر البريد الإليكتروني، أحببت أن تقرؤوها أنتم أيضاً، وأترككم معها الآن.
نص الرسالة:
لقد أصبحت تظهر بين فترة وأخرى ط¬ط¯ط§ظˆظ„ محاسبة النفس ، أو كما تسمى في الآونة الأخيرة جدول الهمة العالية لتغيير النفس ، يدَّعون أن تلك الجداول فيها تحفيز على عمل الطاعات ، وتحسين الخلق، والإحسان في العبادة ، وتشجيع النفس على الرّقي للأفضل ، فيضعون ط¬ط¯ط§ظˆظ„ بعدد أيام السنة والأشهر ، ثم يضعون عددًا من ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ مثلاً : قيام الليل –الصدقة –الذكر _التوكل –التوبة –الأمانة –الرحمة …….. وغيرها من الأخلاق والعبادات ، ويطلبون من كل شخص تقييم نفسه كل يوم بأن يضع إشارة (P ) إن كان قد عمل هذا العمل وأن يضع إشارة ( O) إن لم يفعل حتى يحاسب نفسه ، وحتى يرتقي بنفسه في الأخلاق والعبادات .
وهذا ردّ على هذه الجداول:
كتبته: أناهيد بنت عيد السميري
لقد سألنا من أخواتنا ممن يهمنا الإجابة عليه .. عن ط¬ط¯ط§ظˆظ„ فيها محاسبة للنفس سواء كان عن صلاة وصوم أو عن بر وصله ورحم ..
ونقول وعلمنا قليل .. ومن الله نطلب العون والتسهيل .
أولاً : أفتى مشايخنا غفر الله لهم أن مثل هذه المسائل ليس لها أصل، مثل ما نقل عن الشيخ بن عثيمين – رحمه الله .
ثانياً : أن لهذه الجداول مفاسد يخشى من انتشارها ومنها:
1. أن الصحابة والتابعين والقرون المفضلة ، لم يورث عنهم مثل هذه ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ ولم يوصوا بها .
2. أن أصل العبادة التذلل .. وهو التعلق المتصل ، والتعظيم الدائم ، والأعمال إنما هي مظاهر ذلك ، فليس من الصواب أن ندور حول العمل وتعظيمه وننسى الأصل فتعظيم العمل لاحق لإظهار التذلل ، فكأننا نقرر أن القيام بهذه ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ كافٍ للقبول عند الله .
3. أن من أصول الشريعة قطع الإعجاب بالعمل ، بل حتى الثقة بالنفس ، وهذا صاحب المناهي اللفظية بارك الله في عمره – ينقل تقرير للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئل عن قول من قال : تجب الثقة بالنفس ، أجاب (( لا تجب ، ولا تجوز الثقة بالنفس في الحديث : { ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين } )) . قال الشيخ ابن قاسم معلقاً عليه
( وجاء في حديث رواه أحمد : { وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة وإني لا أثق إلا برحمتك } ) ، ومثل هذه الجداول بعد تحصيلها وجمعها ، يخاف أن يكون مدخل للإعجاب خصوصًا من صغار السن ، وكما ذكر سابقًا أن أصل العبادة التذلل ، والإعجاب قاطع للتذلل، كما أن فيه جانبًا من تزكية النفس ، ويقول الله سبحانه وتعالى –ناهيًا نهيًا صريحًا ﴿ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ﴾
4. أن ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ القلبية من التوكل والرجاء والخوف لا يمكن أن تندرج في الجداول ولا أن تقيد بتقييدات ، فيستقر الأمر إن انتشرت مثل هذه الجداول على تجاهل العبادات القلبية وعدم لفت النظر إليها .
5. إن شروط قبول العمل تغيب في مثل هذا الجدول :
( 1 ) : ربما يكون في بعض الجداول تقيد أيام محدودة مثل تقيد العمرة في يوم محدد من الشهر، أو تقيد الصدقة بيوم فينتفي بذلك شرط المتابعة .
( 2 ) : كما ذكرنا سابقاً أنه لا يمكن قياس ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ القلبية والإخلاص أحد شرطي قبول العمل الإخلاص.
6. أن أكثر الجداول المنتشرة يغيب فيها أعمالاً مهمة ، أو وجوهًا شرعيةً للتعبد جاءت بها النصوص الصحيحة .
7. أن دعوى التشجيع ورفع الهمم يجب أن تكون منضبطة بالشريعة فلا يمكن أن يعقل أن ندعو إلى مندوب ( رفع الهمة ) فنقع في محذور ( الابتداع ) ، والهمة لا تُكمِّل الإنسان إلا إذا كانت مهدية بالعلم الشرعي يقول ابن القيم ( كمال الإنسان بهمَّة تُرقّيه ، وعلم يُبصره ويهديه ) .
8. أن هذه الأوراق اشتهرت عند أقوام لم يعرفوا بمتابعتهم للسنة مثل الصوفية وأمثالها .
9. إن مثل هذه الأوراق يخاف أن تفضي في مستقبل الأمر إلى ما يشابه صكوك الغفران ،فإن النصارى ما وصلوا لمسالة صكوك الغفران إلا ببدايات كهذه، فهي كشوفات توضح ط§ظ„ط£ط¹ظ…ط§ظ„ قيامًا وتركًا ومن ثم يمكن الحكم عليها قبولاً أو رفضًا .
10. على القاعدة الشريعة المقررة في قوله تعالى : ] لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها [ يخاف أن يعجز العبد أحيانًا عن أعمال فيدخل الفتور والإحباط على نفس العامل .
هذا ما تيسر ذكره على عجلة منّا وعدم وجود وقت للرجوع إلى المراجع – ما كتبناه إلا طالبين للحق دافعين للباطل.
] ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض [ …
والله المسؤول أن يرشد العقول ، ويوصل إلى المأمول .
[]h,g hgHulhg hgwhgpm