والدليل على هذا قوله تعالى { وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين }[2]. قال ابن كثير " أمر الله تعالى بقتال الكفار حتى لا تكون فتنة ، أي شرك ………… ويكون الدين لله ، أي يكون دين الله هو الظاهر على سائر الأديان "[3]ا.هـ وقال الشوكاني " فيه الأمر بمقاتلة المشركين إلى غاية هي ألا تكون فتنة وأن يكون الدين لله ، وهو الدخول في الإسلام والخروج عن سائر الأديان المخالفة له فمن دخل في الإسلام وأقلع عن الشرك لم يحل قتاله " [4]ا.هـ
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا في دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله " رواه البخاري [5].
وعن جبير بن حيّة قال :فندبنا عمر واستعمل علينا النعمان بن مُقرِّن حتى إذا كنا بأرض العدو وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفاً فقام ترجمان فقال : ليكلمني رجل منكم فقال المغيرة : سلْ عما شئت قال : ما أنتم ؟ قال : نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء شديد نمصّ الجلد والثرى من الجوع ونلبس الوبر والشعر ونعبد الشجر والحجر فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين _ تعالى ذكره وجلت عظمته _ إلينا نبياً من أنفسنا نعرف أباه وأمه فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أن من قُتِل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط ومن بقي منا ملك رقابكم " رواه البخاري[6]
وفي حوادث غزوة القادسية " قصة ربعي بن عامر رضي الله عنه لما بعثه سعد ابن أبي وقاص إلى رستم فدخل ربعي عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وقد جلس على سرير من ذهب ودخل ربعي بثياب صفيقة _ سخيفة رثة _ وسيف وترس وفرس قصيرة ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه فقالوا له : ضع سلاحك فقال : إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت فقال رستم : ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها فقالوا له : ما جاء بكم ؟ فقال : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نقفي إلى موعود الله قالوا : وما موعود الله ؟ قال : الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي ……… " ذكرها ابن كثير [7].
وهذا الهدف السامي الرئيسي موضع اتفاق بين علماء الإسلام .
قال الشافعي " فدل كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن فرض ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ إنما هو على أن يقوم به من فيه كفاية للقيام به حتى يجتمع أمران : أحدهما أن يكون بإزاء العدو المخوف على المسلمين من يمنعه والآخر : أن يجاهد من المسلمين من في جهاده كفاية حتى يسلم أهل الأوثان أو يعطي أهل الكتاب الجزية " [8]ا.هـ وقال محمد بن الحسن " فرضية القتال المقصود منها : إعزاز الدين وقهر المشركين "[9] ا.هـ وقال ابن القيم " والمقصود من ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ إنما هو أن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله … فإن من كون الدين لله إذلال الكفر وأهله وصغاره وضرب الجزية على رؤوس أهله والرق على رقابهم فهذا من دين الله ولا يناقض هذا إلا ترك الكفار على عزهم وإقامة دينهم كما يحبون بحيث تكون لهم الشوكة والكلمة "[10] ا.هـ
وقال ابن عبد البر" يقاتل جميع أهل الكفر من أهل الكتاب وغيرهم من القبط والترك والحبشة والغزارية والصقالبة والبربر والمجوس وسائر الكفار من العرب والعجم يقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون "[11] ا.هـ
وإن هذا الهدف السامي المتضمن لإعلاء كلمة الله وهي الإسلام وإقامة سلطان الله في الأرض وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وإخلاء العالم من الفساد الأكبر الذي هو الشرك وما ينتج عنه وإزالة الطواغيت الذين يحولون بين الناس وبين الإسلام ويُعبِّدونهم لغير الله هو ما يجب أن يسعى إليه المجاهدون في كل مكان وزمان لا تأخذهم في الله لومة لائم .
ومن الأهداف التي تتبع لهذا الهدف الرئيسي :
1- رد اعتداء المعتدين على المسلمين قال تعالى {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }[12].
وفي حديث عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم … وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك … وأبعث جيشاً نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك … "رواه مسلم [13].
قال النووي " إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك معناه لأمتحنك بما يظهر منك من قيامك بما أمرتك به من تبليغ الرسالة وغير ذلك من ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ في الله حق جهاده … " ا.هـ
2- إزالة الفتنة عن الناس وسواء ما يمارسه الكفار من أشكال التعذيب والتضييق على المسلمين ليرتدوا عن دينهم أو الأوضاع والأنظمة الشركية وما ينتج عنها من فساد في شتى مجالات الحياة أو فتنة الكفار أنفسهم وصدهم عن استماع الحق وقبوله .
3- حماية الدولة الإسلامية من شر الكفار وحقيقتها حماية للعقيدة والمنهج وكلما امتد الإسلام إلى أرض وأزال عنها أنظمة الشرك صارت داخلة في الدولة الإسلامية .
4- قتل الكافرين وإبادتهم ومحقهم كما قال تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق … }[14] وقال تعالى {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان }[15].
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استشاره رسول الله صلى الله عليه وسلم في أُسارى بدر "والله ما أرى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم " [16]ا.هـ
وقال تعالى {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * وذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء …}[17]
وقد قتل أبو جهل على يدي شاب من الأنصار ثم بعد ذلك وقف عليه عبد الله بن مسعود ومسك بلحيته وصعد على صدره حتى قال " لقد رقيت مرتقاً صعباً يا رويعي الغنم " ثم حز رأسه واحتمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشفى الله به قلوب المؤمنين قال الحافظ ابن كثير " كان هذا أبلغ من أن تأتيه صاعقة أو أن يسقط عليه سقف منزله أو يموت حتفه والله أعلم "[18]ا.هـ
5- إرهاب الكفار وإخزاؤهم وإذلالهم وإيهان كيدهم وإغاظتهم كما قال تعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم … }[19]
وفي حديث أم مالك البهزية قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقر بها قلت : يا رسول الله من خير الناس فيها ؟ قال :" رجل في ماشيته يؤدي حقها ويعبد ربه ورجل آخذ برأس فرسه يخيف العدو ويُخوفونه "رواه الترمذي[20]
ورواه الحاكم ولقطه "يخيفهم ويخيفونه"وصممه ووافقه الذهبي[21] وصححه الألباني[22].
قال ابن القيم " ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه وإغاظته له .
وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه أحدها قوله تعالى : {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة … }[23]
سمى المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغماً يراغم به عدو الله وعدوه والله يحب من وليه مراغمة عدوه وإغاظته كما قال تعالى { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين }[24]
فمغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة فموافقته فيها من كمال العبودية … وعلى قدر محبة العبد لربه ومالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة ولأجل هذه المراغمة حمد التبختر بين الصفين …"[25] ا.هـ
هذه بعض الأهداف /
وللجهاد أهداف سامية ومصالح كريمة وفوائد عظيمة تتحقق للمسلمين في ذرات أنفسهم متى مارسوا ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ ومنها /
1- كشف المنافقين / فإن المسلمين في حال الرخاء والسعة ينضاف إليهم غيرهم ممن يطمعون في تحقيق مكاسب مادية وهم لا يريدون رفع كلمة الله على كلمة الكفر وقد يتصنعون الإخلاص فيخفى أمرهم على كثير من المسلمين وأكبر كاشف لهم هو ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ .
فهو يبذل فيه أغلى ما يملك غير عقيدته وهو روحه والمنافق ما نافق إلا ليحفظ روحه والله تعالى يقول { … فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم }[26]
والمنافقون هم العدو الداخلي وكثيراً خطرهم يفوق العدو الخارجي فإذا عرفوا منعوا من الغزو مع المسلمين ولا يستمع المسلمون لما يعرضونه عليهم من أراجيف وتثبيط ومن أقاويل يلبسونها ثياب النصح والإصلاح .
وواجب المؤمنين حينئذ كما قال تعالى {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير }[27]
2- تمحيص المؤمنين من ذنوبهم / كما قال تعالى { وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين }[28]
قال ابن كثير " وليمحص الله الذين آمنوا أي يكفر عنهم من ذنوبهم إن كان لهم ذنوب وإلا رفع لهم في درجاتهم بحسب ما أصيبوا به وقوله " ويمحق الكافرين
أي فإنهم إذا ظفروا بغوا وبطروا فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ومحقهم وفنائهم "[29]ا.هـ
2- تربية المؤمنين على الصبر والثبات والطاعة وبذل النفس إذ الركون إلى الراحة والدعة وعدم ممارسة الشدائد والصعاب كورث العبد ذلاً وخمولاً وتشبثاً بمتاع الحياة الدنيا وهكذا خوض المعارك ومقاومة الأعداء والتعرض لنيل رضا الله في ساحات الوغى يصقل النفوس ويهذبها ويذكرها بمصيرها ويوجب لها استعداداً للرحيل حتى تصبح ممارسة ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯ عادة لها تشتاق لها كما يشتاق الخاملون للقعود والراحة .
فهرس العدد الثاني
الافتتاحية
الجهَادُ "الشّيـْشَـاني" والتّـآمر العالمي
إذا لم تستح فاصنع ما شئت
الصبر
أملنا بالله وحده
عـمليَّـــة أرغــون
جروزني ؛ التحدي والمصير
تفاصيل عملية ( يرمولوفكا ) كما رواها قائد العملية " عربي براييف "
أنشودة الأجيال
قصة شهيد < الحلقة الأولى >
حتى متى ؟!
أهداف ط§ظ„ط¬ظ‡ط§ط¯
باع الحياة
المجاهد
جروزني
دراسة إحصائية عن الأقليات الإسلامية في العالم
glh`h hg[ih] ? []d] ugn lk gl drvHi rfg `g;
ماقصرتي وفيتي وكفيتي
دمتي برعاية المولى
مودتي العميقه