قال – تعالى -: ((يا ط£ظٹظ‡ط§ ط§ظ„ط°ظٹظ† ط¢ظ…ظ†ظˆط§ لا طھطھط®ط°ظˆط§ ط¨ط·ط§ظ†ط© من ط¯ظˆظ†ظƒظ… لا يألونكم خبالاً، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)) [آل عمران/118].
المفردات اللغوية:
(بطانة): بطانة الرجل: خاصته ط§ظ„ط°ظٹظ† يطلعون على أسراره ويستبطنون أمره، مأخوذ من ط¨ط·ط§ظ†ط© الثوب، وهي ما يلي الجسد منه.
(من دونكم) من غيركم، ( لا يألونكم خبالاً ) لا يقصرون فيما يجلب لكم الخبال، وهو الفساد والضرر الفادح الذي يلحق بالإنسان فيضيع عقله. (ودوا ما عنتم) تمنوا عنتكم وتعبكم وضلالكم عن دينكم (قد بدت البغضاء) أي ظهرت العداوة والكراهية.
سبب نزول الآية:
أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم. وقال مجاهد: نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين فنهاهم الله – تعالى – عن ذلك. [1].
المعنيون بالآية: اختلف المفسرون في المعنيين بالنهي عن اتخاذهم أولياء على أقوال هي:
الأول: أنهم هم اليهود؛ لأن من نزلت بشأنهم الآيات من المسلمين كانوا يشاورونهم ويؤانسونهم، ورجح أصحاب هذا القول قولهم بأن السياق في الآيات يتحدث عن اليهود.
الثاني: أن المعنيين هم المنافقون، واستدل أصحاب هذا القول بأن أحوال المنافقين هي التي تخدع المؤمنين وتدعوهم إلى اتخاذ ط¨ط·ط§ظ†ط© لخفاء عداوتهم، بخلاف اليهود والنصارى فإن عداوتهم ظاهرة، واحتجوا على ترجيح ذلك بأن الآيات ذكرت عنهم أنهم: ((إذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ))، وهذا الإعلان للإيمان لا يكون من النصارى واليهود، إنما يظهر الإيمان ويبطن الكفر المنافقون. ورجح هذا ابن كثير في تفسيره وقال: "يقول تبارك وتعالى ناهياً عباده المؤمنين عن اتخاذ المنافقين بطانة، أي يطلعونهم على سرائرهم.. ". [2].
الثالث: أن المقصودين بالنهي في الآية جميع أصناف الكفار، بدلالة قوله – تعالى -: ((لا طھطھط®ط°ظˆط§ ط¨ط·ط§ظ†ط© من دونكم))، ومن دون المؤمنين هم غير المسلمين من أصناف الكفار.
ورجح ذلك الخازن في تفسيره وقال: "المراد بهذه جميع أصناف الكفار، ويدل على صحة هذا القول معنى الآية لأن الله – تعالى – قال: ((لا طھطھط®ط°ظˆط§ ط¨ط·ط§ظ†ط© من دونكم))، فيكون ذلك نهياً عن جميع الكفار". [3]
والراجح أن المعنيين بالنهي عن اتخاذهم بطانة، هم كل من لا يؤتمنون على الدين، سواء من اليهود أو النصارى أو الكفار الملحدين أو المنافقين أو أهل الأهواء من المبتدعة الغلاة. وقد ذكر القرطبي عن أبي أمامة مرفوعاً في تفسير ((لا طھطھط®ط°ظˆط§ ط¨ط·ط§ظ†ط© من دونكم)) قال: هم الخوارج [4]. ولا شك أن الروافض أولى باللحاق بهم لخبث طويتهم وسوء بطانتهم.
أسباب النهي عن اتخاذ أولئك بطانة:
تعددت في الآية الكريمة العلل والأسباب الدافعة إلى عدم صلاح غير أهل الدين والأمانة لأن تتخذ بطانة، فمن ذلك:
1 – عدم تقصيرهم في إلحاق الفساد والضرر بأهل الإيمان ((لا يألونكم خبالاً)).
2 – حرصهم على بذل ما فيه عنت المؤمنين وتعبهم وضلالهم ((ودوا ما عنتم)).
3 – زيادة الكراهية فهم إلى حد عدم القدرة على كتمانها ((قد بدت البغضاء من أفواههم)).
4 – أن ما يظهرونه من البغضاء أقل بكثير مما يضمرون ((وما تخفي صدورهم أكبر)).
5 – أنهم غير أوفياء ((تحبونهم ولا يحبونكم)).
6 – أنهم مخادعون ((وإذا لقوكم قالوا آمنا)).
7 – أنهم أهل حقد وضغينة ((وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ)).
8 – أنهم أهل حسد وبغي ((إن تمسسكم حسنة تسؤهم)).
9 – أنهم أهل شماتة وتشفٍ ((وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها)).
10 – أنهم أهل كيد ومكر ((وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً)).
إن هذه كلها علامات تدل المؤمنين على عداوة من دونهم في الدين. ولهذا قال – تعالى – في خاتمة الآية: ((قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون))، أي: قد أظهرنا لكم الآيات الدالة على النهي عن موالاة أعداء الله ورسوله. [5]
الأحكام والعبر المستفادة من الآية:
أولاً: تحريم موالاة أعداء الدين من أي ملة أو نحلة كانوا أو تقريبهم. وقد فهم الصحابة ذلك من الآية، فإن أبا موسى لما قدم على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بحساب رفعه إليه، أعجب به عمر، فقال لأبي موسى: أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس، فقال: إنه لا يدخل المسجد، فقال: أجنب هو؟ قال: إنه نصراني، فانتهره وقال: لا تدنهم وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تأمنهم وقد خونهم الله. [6]
ثانياً: عدم جواز إسناد الوظائف الكبيرة أو المسئوليات الخطيرة إلى من ليسوا مؤمنين، وعدم جواز الإكثار من مخالطتهم ومعاشرتهم والتداخل معهم بلا ضرورة. قال القرطبي – رحمه الله -: "نهى الله – عز وجل – في الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم في أمورهم، ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك، فلا ينبغي أن تحادثه". [7]
ثالثاً: الأصل عدم جواز الاستعانة بالكفار في كل أمور المسلمين، وواجب المسلمين أن يبذلوا ويقوموا بكل ما يغنيهم عن اللجوء إلى معونة أهل الكفر في شئونهم العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. قال الجصاص: "في هذه الآية دليل على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة" [8] ويلاحظ هنا أن الجصاص ذكر عدم جواز الاستعانة ب (أهل الذمة) فمن ليست لهم ذمة ولا عهد أولى بعدم الجواز، إلا من ضرورة تقدر بقدرها.
رابعاً: كل عمل من شأنه أن يجعل الكافر يتطاول على المسلم، فلا يجوز أن يسند إلى الكافر، وكذلك المبتدع الضال إذا تطاول بعمله على صاحب الدين الصحيح، وكذلك لا يجوز تولية منصب أو وظيفة لكافر أو مبتدع ضال إذا كان يشرف منها على أسرار المسلمين وعوراتهم. قال ابن كثير تعليقاً على قصة عمر بن الخطاب مع أبي موسى الأشعري: "ففي هذا الأثر مع هذه الآية، دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الأعمال التي فيها استطالة على المسلمين واطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى أن يفشوها إلى الأعداء". [9]
إن هذه الأحكام المستفادة من الآية تضمن للمسلمين – إذا امتثلوا لها – العزة والتمكين والأمن من كيد الكافرين، أما إذا استهانوا بها، وتوسعوا في الاستعانة بالكفار ومشاورتهم واستعمالهم، فقد فتحوا على أنفسهم أوسع أبواب الوبال والخبال، والتاريخ يشهد، أن المسلمين ما أتوا من قبل أعدائهم إلا عندما اطمأنوا إليهم ووثقوا بهم واتخذوا منهم الوزراء والأمناء، وما حدث في الأندلس دليل باهر من التاريخ القديم، وقد سجل الإمام القرطبي ذلك في تفسيره فقال بعد أن فسر هذه الآية: "قلت: وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء، وتسودوا بذلك عند الجهلة والأغبياء من الولاة والأمراء". [10]
ونقول: إن هذه العبارات الدامية، كتبها عالم قرطبة منذ ما يقرب من سبعة قرون ونصف، فأين قرطبة اليوم بعد أن أضاعها الأمراء والوزراء باتخاذ اليهود والنصارى أولياء. وأين عشرات المدن والقرى والحواضر التي ضاعت في أيدي الكفار والمرتدين والزنادقة منذ سقوط الأندلس إلى اليوم؟ هكذا تضيع مصالح وأراضي المسلمين وتسقط دولهم…
[IMG]http://www.************/pic-vb/116.gif[/IMG]
[1] – تفسير الطبري 7/140 (المحققة) وأسباب النزول للواحدي ص 120 تحقيق عصام الحميدان.
[2] – تفسير ابن كثير 1/376.
[3] – تفسير الخازن 1/409.
[4] – تفسير القرطبي 4/179.
[5] – تفسير روح المعاني للألوسي 4/38.
[6] – تفسير القرطبي 4/179.
[7] – المصدر السابق 4/178.
[8] – تفسير أحكام القرآن للجصاص 2/326.
[9] – تفسير ابن كثير 1/376.
[10] – تفسير القرطبي 4/179.
[IMG]http://www.************/pic-vb/116.gif[/IMG]
مقالمنالمختارالإسلامي
=—->,rthj lu Ndm rvNkdm ( dh Hdih hg`dk Nlk,h gh jjo`,h f’hkm lk ],k;l <—-=
ommariam
ونفع بك الإسلام والمسلمين