أما بعد أيها المسلمون في هذه الأيام من كل عام تكثر مناسبات الزواج ، فلا تكاد تجد صالة أو فندقا إلا والحجز فيها يحتاج إلى فترة من الزمن .. وظاهرة الزواج ظاهرة طيبة مباركة .. دعا إليها الإسلام وحث عليها ، لإعفاف النفس وتكثير أمة محمد ونحو ذلك من الأهداف السامية .. ولذلك شرع إعلان النكاح ، وإظهار لفرحة بهذه المناسبة خصوصا بين الأطفال والنساء .. ولكن وللأسف فان الناس في هذا الزمن قد أساؤا فهم هذه المناسبة ، فأعطوها اكثر من حجمها ، وادخلوا عليها من البدع والمنكرات ما حولها إلى مأساة تضاف إلى مآسي المسلمين المتعددة ..
ايها الاخوة في الله وفي هذا اليوم المبارك سنتطرق الى بعض المظاهر الخاطئة التي تصاحب تلك الاحتفالات .. وان كان سبق التنييه عليها .. ولكن هي ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين .. اما غيرهم فالذكرى لا تنفعهم مهما كانوا..
ايهاالاخوة : هناك عدد من اللأخطاء والسلبيات التي تترتب على استأجار الصالات والفنادق لإقامة مناسبات الزواج .. وهي كثيرة جدا ..منها السلبيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية و الروحية بل والأمنية .. فمن الملاحظ أن بعض الناس يضخم مناسبة الزواج الى درجة يشعر الآخرين بأنه الوحيد في العالم الذي سيتزوج ، وذلك من خلال الاستعداد المبكر ، وحجز أفخم الصالات ، وطباعة البطاقات ، وتفصيل أغلى الثياب ، ودعوة الأقارب حتى من مناطق بعيدة ..بل ومن دول مجاورة .. شيء ملف للنظر فعلا ..
اخواني في الله .. القصد من حفلة الزواج هو إعلان دخولِ الرجلِ على زوجته .. ولا تأثير لما يصاحب ذلك من احتفالات على الزواج أبدا… فالنتيجة التي يحصل عليها رجل دخل على زوجته في غرفةٍ في بيت أهلها ، والوليمة عائلية.. هي نفس النتيجةُ التي يحصل عليها رجل دخل على زوجته في ارقى الفنادق ، والعشاء قد حضره مئات الأشخاص ومن كبار الشخصيات ..
بل قد تكون تلك المناسبة المبسطة أبرك وأنفع لا صحابها من تلك المناسبة الضخمة .. وكم سمعنا عن حالات انفصال بين زوجين تم زواجهما في أفخم الصالات ..وكلفهم مبالغ طائلة. ايهاالاخوة قد لا يكون هذا الكلام مقنعا لبعض الناس ، ولكن دعونا نستعرض بعض السَّلبيات التي تحدث عند إقامة مناسبة الزواج في احدى الصالات أو الفنادق :
السلبية الاولى : هو تكلفة تلك الصالات .. فلا تكاد تجد صالة تقل عن عشرة الاف ريال ، فالمعدل الموجود من عشرين الف إلى ثمانين الف ريال .. وهناك ما يصل الى مائة وخمسين الف وربما اكثر ..
ومع ذلك فان كثيرا من الرجال يرضخون للواقع ، وينساقون وراء ضغوط النساء ، والرغبة في الظهور .. وقد لوحظ هذا حتى على رجال لهم مكانتهم الاجتماعية وللاسف الشديد ..
فتستأجر الصالة ، ويدفع ذلك المبلغ وقد يكون الزوج محتاج إليه حاجة ماسة ، ولكن العادات والتقاليد تفرض على الناس أحكامها .. وبئس الرجال الذين ينساقون خلف العادات والتقاليد الباطلة ..
السلبية الثانية : ما يحصل من استعداد لتلك المناسبة من قبل أهل الزوج واهل الزوجة ، حيث ينهمك الجميع خصوصا النساء في تفصيل الملابس وشراء ما يناسبها من حذاء ونحوها ..
اشياء قد لا تصدق ..عندما نسمع تكاليف ملابس الجميع .. إضافة الى ضياع الأوقات التي يقضونها في الأسواق لاختيار تلك الملابس.. والاختلاط بالرجال الأجانب ، وارهاق الزوج ماديا ومعنويا ، وربما ادى ذلك الى نزاع بين الازواج .. كل ذلك من اجل حضور تلك المناسبة ، وحتى لا يقال فلانة وبناتها ليس عليهم ملابس جديدة .
وتحدث في تلك المناسبة اشياء عجيبة قد لاتصدق فمنها ..ان بعض النساء تبدل ملابسها في ليلة الزواج ثلاث مرات ، وكل تبديل للثوب يتغير معه أشياء أخرى من الحذاء ولون العينين وغيرذلك .. ومنها ان البعض قد يفصلن الثوب بالف ريال او اكثر ولايلبس الا تلك الليلة .. وبعض النساء لاتذهب لحضور المناسبة لان ليس لديها ملابس مناسبه ، وربما تركت احدى بناتها في البيت لان ملابسها لا تليق .. امور عجيبة تحدث للناس في موضوع الملابس بسبب استجأر تلك الصالة .. ولو أراحوا الناس وجعلوا المناسبة عائلية أو مختصرة ، لما حدث مثل هذه الترهات والمآسي.
السلبية الثالثة لاستجار الصالات ما يحدث عند النساء من منكرات في تلك الليلة ..
ومن ذلك تبرج النساء ، والتعري الواضح لبعضهن .. حتى اصبح النساء يخجلن من بعضهن .. ثياب مفتوحة من الخلف ومن الامام ومن الجانبين ..وثياب ضيقة جدا وشفافة .. وقصات واصباغ غريبة .. وضع يرثى له وصل إليه النساء من التعري وقلة الحياء في تلك المناسبات ..
ومن منكرات النساء في تلك الليلة احضار ما يسمى بالطبالات .وهن في الحقيقة مغنيات .. يستاجرونهن بمبالغ تقل وتكثر . ولكن لا تقل عن خمسة الاف ريال .. يرفعن اصواتهن بالغناء الماجن على ايقاعات الطبول..وترديد عبارات الحب والهيام ..واحيانا يحضرون شريط غناء لأحد المطربين والمطربات ، ..بل وصل الامر ببعضهم الى التعاقد مع مطرب او مطربة .. لاحياء تلك الليلة المشؤمة .. وهذه لوحدها مشكلة كبيرة .ومأساة من ماسي اقامة المناسبة في الصالات.. يغضبون بذلك ربهم الذي يسر لهم هذه المناسبة ، ويؤذون المسلمات العفيفات..
ومن المنكرات التي بدات تغزوا هذا البلد تصوير النساء في تلك المناسبة .. سواء التصويرالشمسي او عن طريق الفيديو.. والهدف من ذلك هو الاحتفاظ بذكرى تلك المناسبة ، والتي قد لا تكون سعيدة..وهذه مأساتها اكبر حيث يصور النساء في أبهى زينتهن .. وربما انتشرت تلك الصور وتلك الافلام عند الآخرين ، مهما حاول الجميع المحافظة عليها . وقد حصل ذلك فعلا ..مما ادى الى وقوع نزاع بين الاسر والازواج ..
ومن المنكرات التي تحدث في صالة النساء هو وضع ما يسمى بالتشريعة او المنصة .وهي عبارة عن كرسيين ..تجلس الزوجة على احدها ثم ياتي الزوج ومعه أاهل الزوجة وربما معه أقاربه من الرجال .. وربما التقطت بعض الصور لهما .. وهذا منكر بدا ينشر بين المسملين ، واقل ما فيه هو دخول رجل اجنبي على النساء وهو في ابهى حلته .. ونظره الى النساء السافرات ، واللاتي قد يكن فيهن من هي أجمل من زوجته..اضافة الى دخول أقارب الزوجة معه وربما اقاربه ..وربما رقصوا امام النساء وربما رقص النساء امامهم .. ومن المنكرات ايضا هو تاخر النساء الى ما بعد منتصف الليل ، وهذا يؤدي الى تاخر الرجال معهم مما يؤدي الى فوات صلاة الفجر ..وربما رجع النساء مع السائق الاجنبي وهن في أبهى حلة .. ويشم منهن اطيب الروائح العطرية..وربما حصلت امور لا تحمد عقباها..
المهم ايها الاخوة ان حضور النساء الى الصالات في هذا الزمن ينطوي على منكرات كثيرة ومتشعبة ..وكل يوم ياتي منكر جديد ..يمهد للذي بعده ..ولعل الذي يتابع اعلانات المبوبة والوسيلة يجد العجب العجاب ، والذي لم يكن موجودا قبل فترة من الزمن.. وهذا في الحقيقة خطر عظيم داهم المة في حال غفلة رجالها ، واستبداد نسائها..وتخطيط أعدائها.. فالى الله المشتكى ـ وبه المستعان.
ايها الاخوة ما سمعتم وللحديث بقية ..فاستغفروا ربكم وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده ..والصلاة ولاسلام على من لانبي بعده ..اما بعد ايها المسلمون : وبعد أن استمعنا الى اثلاث سلبيات من سلبيات استأجار الصالات ..فالأولى التكلفة المادية للصالات .. والثانية الاستعداد الزعج لتلك المناسبة من قبل النساء وبعض الرجال.. اما السلبية الثالثة فهي وجود المنكرات المصاحبةلاستأجار تلك الصالة او الفندق ..
.. في هذه الخطبة نذكر بالسلبية الرابعة والخامسة لتلك الصالات فالرابعة : هي طبع بطاقات الدعوة .. والتي تكلف آلاف الريالات ربما ..وبدا الناس يتفنون في طبعها..حتى أن بعضهم يطبعها على ألواح بلاستيك على شكل دروع ..ولا استبعد أن تطبع على سبائك ذهبية في يوم من الايام ان لم تكن طبعت ..فهذه فيها تكلفة مادية .. يصاحب هذه البطاقات غضب اصحاب المناسبة عندما لا يستجاب لهم .. وبعضهم يهدف من هذه البطاقات طلب العون من الآخرين ..وفي المقابل نجد أن بعض أقرباء الزوج لايحضرون عدم اعطائهم بطاقة دعوة ..ويعتبرون ذلك اهانة لهم ..مشكلات متراكبة بسبب هذه البطاقات التي لم تكن توجد لولا وجود الصالات..
السلبية الخامس للصالات هي التبذير في الماكول والمشروب .. فكلنا يعلم عدد الذبائح التي تذبح وكميات الرز التي تعد ..والبوفيهات المفتوحة .. ومع ذلك فان مصيرها في الغالب الى براميل القمامة اكرمكم الله.. والطيب من الناس من ياخذ ما بقي الى دور الخير لتوزيعه .. ولكن بعد أفسده الناس ..ودفع فيه مبالغ طائلة .. فلهولاء يقال أو ما شعرتم بشعور الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلون، أفلا تذكرتم أنتم وآباؤكم يوما من الدهر ما كانوا يلبسون، وكيف كانوا يعيشون، أو ما كان اباؤكم اوربما كنتم تلبسون المرقع من الثياب، وتعملون خدما عند الاخرين .. إن شبعتم يوما لم تشبعوا اليوم الذي بعده، ، ولما أتى الله بهذه النعم كأنها الغمام ، نسي أولئك الناس فضل الله عليهم ولم يشكروه، وكأنهم في مأمن أو قد جاءهم صك من الله أنهم سوف يبقون على نعيمهم وثرائهم : {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123 ايها الاخوة : ان التباهي بالصالات وما يحصل فيها من منكرات لنذير شؤم على اهل هذا البلد .. على دينهم وعلى أمنهم وعلى اقتصادهم ، وعلى مجتمعهم ككل .
اخواننا في فلسطين تحاصرهم دول الصليب ، وتقاطعهم وتقاطع من لم يقاطعهم ، واخواننا في العراق وأفغانستان ، يحاصرون ايضا ويحاربون يصبحون على الرصاص ويمسون عليه .. والايتام والارامل والعجائز في جميع أنحاء العالم الاسلامي يموتون جوعا ولا يجدوا ما يسد رمقهم ولا ما يتسر عوراتهم .. بل في هذا البلد هناك مئات الاسر لا تجد ما تاكل اوتلبس اوتسكن به ..والذي لا يصدق يذهب الى الجمعيات الخيرية في الثقبة الدمام وأم الساهك وغيرها ، في بلد البترول ، وكل ابتعدت عن الدمام غربا وجنوبا وشمالا ، فان المأسات تزداد .. وستجد ما يدمي القلب ويدمع العين .. والله الذي لا اله غيره ، إن بعضهم لا يجد ما يأكله ، وبعضهم لا يجد ما يلبسه ، وبعضهم يعيشون في الحر والبرد ..عندكم في الثقبة والدمام ..واذا ذهبت الى قرى الجنوب والشمال ولاوسطى فترى العجب العجاب ..
الوضع يا اخواني مأساوي بمعنى الكلمة .. ولتوضيحه تصوروا معي حال بعض الناس الذي لا يبعدون عنكم عشرة كيلوات فقط ..
بعض الناس ليس لديه عمل .. وبعض الناس عنده راتب ولا كن لا يكفيه .. ولنضرب لذلك مثلا ..الشخص المحظوظ الذي راتبه لا يزيد عن ألفي ريال مثلا ، ماهي حاله وحال عائلته… اذا كان الاجار الف ريال سنويا على اقل تقدير .. يبقى له ألف ريال .. يعني مصروفه اليوم ثلاثين ريال تقريبا .. هل هو في كهرباء ام في بنزين سيارة ، هل هو في أكل الاولاد .. هل هو في ملابس .. هذا اذا كان راتبه الفا ريال ..فكيف بمن هو أقل ..فكيف بمن ليس عنده راتب ..خصوصا الأرملة والمطلقة .. إن الوضع سيء جدا بمعنى الكلمة ..
ومع ذلك كله ..وفي ظل هذه الظروف .. بعض اخوانهم يصرف الألاف في مناسبة لا تزيد على خمس ساعات واحيانا اقل ..يصرفها من أجل الناس ..من أجل يقال زواج فلان او بن فلان .. والمأسات أن كل شيء ينتهي خلال ساعات ..الأكل يرمى والملابس ترمى .. والأموال تصرف .. ولااستعداد المسبق ينتهي ..وكأن شيئا لم يكن .. الا فليتق الله العقلاء .. الا فليتق الله الرجال والنساء المؤمنون .. وليقفوا وقفة حازمة امام تلك المهازل التي تزداد يوما بعد يوم .. والتي قد تقتح على البلد باب شر عظيم لا يمكن سده ..ان لم تكن فتحت .. فبالشكر تدوم النعم ..
ولنعلم ان لا يشترط اقامة الوليمة لهذه المناسبة .. فلو اجتمع الناس على فاكهة او نحو ذلك لكفى .. المهم اظهار النكاح بالطرق المشروعة .. وان صاحبة فرحة مبسطة لقريبات الزوج او الزوجة فلا باس .. ولو اضطر الانسان الى جمع اقربائه لضيق منزله او نحو ذلك ، فليتساجر استراحة مناسبة مع الحرص على تلافي المنكرات التي تحصل في تلك الصالات ..
ايها الاخوة اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ن كل ذنب فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم منقول
o’fm hg[lui 6-5