كل من سار في هذه الدنيا ووطأت قدمه الثرى يحتاج إلى من يعينه وينصره، ويحتاج إلى من يتوكل عليه وينصرف بقلبه إليه.
ولهذا كان التوكل على ط§ظ„ظ„ظ‡ والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار، وحصول الأرزاق، والنصر على الأعداء، وشفاء المرضى وغير ذلك من أهم المهمات وأوجب الواجبات، وهو من صفات المؤمنين، ومن شروط الإيمان، ومن أسباب قوة القلب ونشاطه، وطمأنينة النفس وسكينتها وراحتها.
والآيات في الأمر بوجوب التوكل على الله، والحث عليه في كتاب ط§ظ„ظ„ظ‡ عز وجل كثيرة منها قوله: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [المائدة:23] وقوله تعإلى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ [آل عمران:159] وقال عز من قائل في صفات المؤمنين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي ذكر أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً لا حساب عليهم ثم قال في وصفهم: { هم الذين لا يتطيرون، ولا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون }.
وعن ابن عباس رضي ط§ظ„ظ„ظ‡ عنهما قال: ( حسبنا ط§ظ„ظ„ظ‡ ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173] ) [رواه البخاري].
وعن عمر بن الخطاب عن النبي قال: { لو أنكم تتوكلون على ط§ظ„ظ„ظ‡ حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً – جياعاً – وتروح بطاناً – شباعاً } [رواه أحمد والترمذي].
حقيقة التوكل:
قال ابن رجب: ( هو صدق اعتماد القلب على ط§ظ„ظ„ظ‡ عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة وكِلَة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ).
وقال ابن القيّم: ( التوكل: نصف الدين. والنصف الثاني: الإنابة، فإن الدين: استعانة وعبادة. فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة. ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها. ولا تزال معمورة بالنازلين. لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه وفي محابه وتنفيذه أوامره ).
وقال الحسن: ( إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن ط§ظ„ظ„ظ‡ هو ثقته ).
قال سعيد بن جبير: ( التوكل جماع الإيمان ).
وقال بعض السلف: ( من سرّّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على ط§ظ„ظ„ظ‡ ).
وقال سالم بن أبي الجعد: ( حُدّثت أن عيسى عليه السلام كان يقول: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم، وإياكم وفضول الدنيا، فإن فضول الدنيا عند ط§ظ„ظ„ظ‡ رجز، هذه طير السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء لا تحرث ولا تحصد ط§ظ„ظ„ظ‡ يرزقها ).
أخي المسلم:
اعلم أن التوكل على ط§ظ„ظ„ظ‡ أعم من أن يكون في تحصيل المال ومصالح الدنيا، بل هناك ما هو أعظم من ذلك وأنفع للعبد.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( إن التوكل أعم من التوكل في مصالح الدنيا، فإن المتوكل يتوكل على اله في صلاح قلبه وبدنه، وحفظ لسانه وإرادته وهذا أهم الأمور إليه، ولهذا يناجي ربه في كل صلاة بقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] ).
فهم خاطئ للتوكل:
قد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة، وهذا ظن الجهال، وحرام في الشرع. ولا شك أن ترك التكسب ليس من التوكل في شيء إنما هو من فعل المبطلين الذي آثروا الراحة، وتعللوا بالتوكل.
قال ابن رجب: ( واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر ط§ظ„ظ„ظ‡ سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن ط§ظ„ظ„ظ‡ تعإلى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به، كما قال تعإلى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ [النساء:71]، وقال: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال:60]، وقال: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] ).
عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: { اعقلها وتوكل } [أخرجه الترمذي].
قال معاوية بن قرة: ( لقي عمربن الخطاب ناساً من أهل اليمن، فقال من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: ( بل أنتم المتآكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض، ويتوكل على ط§ظ„ظ„ظ‡ عز وجل ) ).
وقال ابن عباس رضي ط§ظ„ظ„ظ‡ عنهما: ( وكان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن متوكلون، فيحجون، فيأتون أهل مكة، فيسألون الناس، فأنزل الله: وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197] ) [رواه البخاري].
أخي الحبيب:
التوكل عند المسلم هو إذاً عملٌ وأملٌ، مع هدوء قلب، وطمأنينة نفس، واعتقاد جازم بأن ما شاء ط§ظ„ظ„ظ‡ كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ط§ظ„ظ„ظ‡ لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
والناس مع التوكل ثلاثة أنواع:
الأول: من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة ط§ظ„ظ„ظ‡ عز وجل في الكون.
الثاني: من قام بالأسباب وترك التوكل وهؤلاء الماديون وأتباعهم.
الثالث: أهل الحق من قاموا بالأسباب وتوكلوا على ط§ظ„ظ„ظ‡ عز وجل. وهذا هو طريق الرسل والأنبياء ومن تبعهم بإحسان، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله، ويعملون في مصالحهم وهم متوكلون على الله، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون.
أخي المسلم:
قال النبي : { المؤمن القويّ أحب إلى ط§ظ„ظ„ظ‡ من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدّر ط§ظ„ظ„ظ‡ وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان } [رواه مسلم].
وعن أنس قال: قال رسول ط§ظ„ظ„ظ‡ : { من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم ط§ظ„ظ„ظ‡ طھظˆظƒظ„طھ على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت ووُقيت، وكُفيت، وتنحى عنه الشيطان } [رواه أبو داود والترمذي]، وزاد أبو داود: { فيقول – يعني الشيطان – كيف برجل قد هُدي وكُفي ووُقي؟ }.
جعلنا ط§ظ„ظ„ظ‡ من المتوكلين على ط§ظ„ظ„ظ‡ حق التوكل. ورزقنا الإنابة والخضوع والحاجة له وحده دون ما سواه، وصلى ط§ظ„ظ„ظ‡ على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين.
منقول
j,;gj ugn hggi
اللهم نسألك حسن التوكل عليك بارك الله فيك
ويكفى ان نعلم ان من يتوكل على الله فهو حسبه
ونتمسك بها
موفقه يا رب
ونفعنا وأياك بما قرأنا وتعلمنا من دروس ووعظ مفيد من تلك المواضيع التي ننقلها .دوما .. وجعل علمنا حجة لنا لاعلينا يوم الحساب…….
ومن يتوكل على الله فهو حسبه