تخطى إلى المحتوى

ماء من نور 2024.

سألني صاحبي وهو يحاورني : كيــف تتوضأ ؟
قلت ببرود : كما يتوضأ الناس ..!!
فأخذته موجة من الضحك حتى أغرقت عيناه بالدموع ثم قال مبتسماً :
وكيف يتوضأ الناس ..؟!
ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت : كما تتوضأ أنت …!
قال في نبرة جادة : أما هذه فلا .. لأني أحسب أن وضوئي على شاكلة أخرى غير شاكلة
( كثر ) الناس ..
قلت على الفور : فصلاتك باطلة يا حبيبي .. !!
فعاد إلى ضحكه ، ولم أشاركه هذه المرة حتى الابتسام ..
ثم سكت وقال : يبد أنك ذهبت بعيداً بعيدا ..
إني أعني ، أن أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة _ علمني إياها شيخي _ فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ، وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها ..!!
وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي ,, فلم يمهلني حتى أسأل وواصل :
أسوق بين يديك حديثاً شريفاً فتأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً :
– يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا توضأ المسلم فغسل وجهه :

خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قط الماء ..

فإذا غسل يديه : خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه ..

فإذا غسل رجليه : خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه ..

حتى يخرج نقياً من الذنوب .."
– وفي حديث آخر :

" فإن هو قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه ،

وفرّغ قلبه لله تعالى : انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه ."

– وسكت صاحبي لحظات وأخذ يسحب نفسا من الهواء العليل

منتشيا بما كان يذكره من كلمات النبوة .. ثم حدق في وجهي وقال :
لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ،

فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة !!
قلت : ياااااه !! كيف فاتني هذا المعنى ..!؟
والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى .. إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ، ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية …!

– قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور ..:
وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ، تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ، تصقل بها قلبك عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة ..!!
المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك ..

– قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة ..

أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ..نور على نور .. ومعانٍ تتولد من معانٍٍ ..!!
– قال وهو يبتسم :

بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها

بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية !!
– قلت وأنا أشعر أن قلبي أصبح يرف ويشف ويسمو:
أتعرف يا صاحبي ..

أنك بهذه الكلمات قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ، ما كان يخطر لي على بال ،

وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .
– منذ ذلك اليوم .. كلما هممت أن أتوضأ ،

سرعان ما أستحضر كلمات صاحبي ، فأجدني في حالة روحية رائعة وأنا أغسل أعضائي بالنور لا بالماء ..!!
يا لله كم من سنوات ضاعت من حياتي ، وأنا بعيد عن هذه المعاني السماوية الخالصة ..

يا حسرة على العباد …!!
– لو وجد الناس دفقة من هذه المعاني السماوية تنصب في قلوبهم ،

لوجدوا أنسا ومتعة وجمالا وصقلا واضحا لقلوبهم أثناء عملية غسل أعضائهم

بهذا النور الخالص .
– اللهم جاز عني صاحبي خير ما جازيت داعية عن جموع من دعاهم إليك ..

* * *

– عدت أقرأ الحديث من جديد فإذا بي أقول :
– ما أعظم ربنا وأحلمه وأكرمه ..! جل شأنه ، وتبارك اسمه ..
أجر عظيم لا يتصور .. بعمل قليل لا يذكر ..!
لو قيل للناس : من توضأ في المكان الفلاني وأحسن الوضوء ، فله ألف درهم مع كل عملية وضوء جديدة !!
– لو قيل ذلك : : لرأيت الناس يتدافعون ويتزاحمون على ذلك المكان ،
وقد يقتتلون ، ليبادروا إلى الوضوء بين الساعة والساعة ..!
بل بعد كل خمس دقائق وضوء جديد …!!
– عجيب أمر هؤلاء الناس ..!!
– انظر بماذا وعدهم الله جل جلاله .. ومع هذا تكاسلوا عن الوضوء ..
– وانظر بماذا وعدهم الناس وكيف تزاحموا وتقاتلوا …!
لا إله إلا الله .. !
اللهم خذ بنواصينا إليك أخذ الكرام عليك .
وأكرمنا ولا تهنا ..وزدنا ولا تنقصنا.


lhx lk k,v

نعم ماء من نور

اصلح الله شأننا

وما احلم ربنا علينا واستره بحالنا

=========

بارك الله فيك ونفع بك

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.